قوله تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) (٣٧) ؛ معناه : ألم يك هذا الإنسان في ابتداء خلقه نطفة من منيّ تصبّ في الرّحم ، قرئ (تمنى) يعني النطفة ، وروي (يمنى) بمعنى المنيّ. قوله : (ثُمَّ كانَ عَلَقَةً ؛) ثم صار دما منعقدا بعد النّطفة ، (فَخَلَقَ فَسَوَّى) (٣٨) ، فخلقه وسوّاه باليدين والرّجلين والعينين والأذنين إلى أن بلّغه هذا الحدّ الذي شاهد ، وخلق منه الروح.
قوله : (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٣٩) ؛ أي خلق من هذه النطفة أولادا ذكورا وإناثا. قوله تعالى : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) (٤٠) ؛ معناه : أليس الّذي خلق الإنسان من المنيّ ، ونقله من تلك الأحوال إلى هذه الحالة قادر على أن يحيي الموتى. والمعنى : من قدر على الابتداء ، كان على البعث أقدر بعد الموت ، دلّهم الله تعالى على البعث بابتداء الخلق.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه كان إذا ختم هذه السّورة قال : [سبحانك اللهمّ وبلى](١). وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : «إذا قرأ أحدكم (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) فليقل : اللهمّ بلى» (٢).
آخر تفسير سورة (القيامة) والحمد لله رب العالمين
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٧٦٨٨) عن قتادة موقوفا. وفي الدر المنثور : ج ٨ ص ٣٦٣ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا).
(٢) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٣٦٤ نسبه السيوطي إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر.