الدنيا والآخرة ، وهو في شدّة كرب الموت وهول المطلع وآخر شدائد الدّنيا مع أوّل شدة الآخرة.
وقال الضحّاك : «النّاس يجهّزون بدنه ، والملائكة يجهّزون روحه» (١). وقال الحسن : «معناه : والتفّت ساقاه في الكفن يلفّ أحدهما إلى الآخر» (٢). وقال قتادة : «ماتت ساقاه فلم تحملاه ، وقد كان عليهما جوّالا» (٣). قوله تعالى : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (٣٠) ؛ أي إليه المرجع والمنتهى في الآخرة إلى حيث يأمر الله ، إما إلى علّيّين وإمّا إلى سجّين.
قوله تعالى : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) (٣١) ؛ يعني أبا جهل يقول الله فيه : لم يصدّق بالقرآن ، ولم يصلّ لله ، (وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٣٢) ؛ أي كذب بالقرآن وتولّى عن الإيمان به ، ويدخل في هذا كلّ كافر مثله ، (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) (٣٣) ؛ أي رجع إلى أهله يتبختر في المشي ويختال فيه ، وأصله : يتمطّط أي يتمدّد ، والمطّ هو المدّ ، وتمطّى الإنسان إذا قام من منامه يمتدّ ، والمطيّ هو الظهر ، وتمطّى إذا مدّ مطاه.
قوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٥) ؛ هذا وعيد على وعيد من الله لأبي جهل ، وهذه كلمة موضوعة للتهديد والوعيد ، والمعنى كأنّه يقول لأبي جهل : الويل لك يوم تموت ، والويل لك يوم تبعث ، والويل لك يوم تدخل النار. وقيل : المعنى أولاك المكروه يا أبا جهل وقرب منك ما تكره.
قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (٣٦) ؛ معناه : أيظنّ الكافر أن يترك مهملا لا يؤمر ولا ينهى ولا يوعظ ولا يتلى ولا يحاسب بعمله في الآخرة. والسّدى : المهمل.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٧٦٥٦).
(٢) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٢٦٣ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد عن الحسن) وذكره.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٧٦٦٩).