سورة الدّهر
سورة الدّهر مكّيّة ، إلّا قوله (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ ...) إلى آخر السّورة ، فإنّها نزلت في المدينة ، وهي ألف وأربعمائة وخمسون حرفا ، ومائتان وأربعون كلمة ، وإحدى وثلاثون آية ، قال صلىاللهعليهوسلم : [من قرأها كان جزاؤه على الله جنّة وحريرا](١).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ؛) أي قد أتى على آدم أربعون سنة التي مرّت به وهو بصورة الإنسان قبل أن ينفخ فيه الروح ، (لَمْ يَكُنْ ؛) يذكر اسمه ، ولا يدري ما يراد به ، كان (شَيْئاً ؛) ولم يكن ، (مَذْكُوراً) (١) ؛ لأنه كان ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح. ومعنى الآية : قد أتى على آدم أربعون سنة ملقى بين مكّة والطائف قبل أن ينفخ فيه الروح لم يكن شيئا مذكورا ، لا يذكر ولا يعرف (٢) ولا يدري ما اسمه ولا ما يراد به.
يروي : «أنّ عمر رضي الله عنه سمع رجلا يقرأ (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) فقال عمر : ليتها تمّت» (٣) أي ليته بقي على ما كان لا يلد. وقرأ رجل عند ابن مسعود (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) فقال : «ليت ذلك لم يكن» (٤). ولفظ (هل) بمعنى (قد) ؛ لأنه لا يجوز على الله أن يستفهم ؛ لأنه لم يزل عالما بالأشياء كلّها ، ولا يزال عالما.
__________________
(١) هو الحديث عن أبي ، رواه الثعلبي في الكشف والبيان : ج ١٠ ص ٩٣ بإسناد واه.
(٢) في المخطوط : (إلا يعرف ويذكر) وهو غير مناسب.
(٣) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٣٦٦ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن المبارك وأبو عبيد في فضائله وعبد ابن حميد وابن المنذر).
(٤) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٣٦٦ ؛ قال السيوطي : (وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن مسعود) وذكره.