وعشيرته الأقربين التي تضمه ويأوي إليها ، وتنصره في المكاره والشدائد ، ويودّ أيضا أن يفتدي ، (وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ) (١٤) ؛ ذلك الفداء من العذاب.
قوله تعالى : (كَلَّا ؛) لا ينجيه ؛ قوله تعالى : (إِنَّها ؛) وهي من أسماء النّار ، سميت بهذا الاسم من قوله : (لَظى) (١٥) ؛ أي توقد ، واللّظى هو اللهب الخالص. قوله تعالى : (نَزَّاعَةً لِلشَّوى) (١٦) ؛ صفة النار ؛ أي كثيرة النّزع للأعضاء والأطراف.
والشّوى : جمع الشّواة ؛ وهو الطّرف ، وسمّيت جلدة الرأس أيضا بهذا الاسم. وفي الحديث : [إنّ النّار تنزع قحف رأسه فتأكل الدّماع كلّه ، ثمّ يعود كما كان ، فتعود لأكله ، فذلك دأبها أبدا](١). وقيل : ارتفع قوله (نزّاعة) على إضمار : هي نزاعة للشّوى ؛ تنزع اليدين والرّجلين وسائر الأطراف ، فلا تترك لحما ولا جلدا إلّا أحرقته (٢).
قوله تعالى : (تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) (١٧) ؛ أي تدعو النار من أعرض عن الإيمان وتولّى عن التوحيد وأدبر عن الحقّ ، فتقول : إليّ يا مشرك ؛ إليّ يا منافق ؛ إليّ ... إليّ ، فإنّ مستقرّك فيّ ، وتدعو أيضا من (وَجَمَعَ) ، المال في الدنيا ، (فَأَوْعى) (١٨) ، أي فجعله في الأوعية ، لم يصل به (٣) رحما ولا أدّى فريضة ولا أنفقه في طاعة الله تعالى.
__________________
(١) لم أقف عليه.
(٢) قرأ عاصم : (نزّاعة) بالنصب ، وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم في رواية أبي بكر عنه والأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائي (نزّاعة) بالرفع. قاله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٨ ص ٢٨٧ ؛ وقال : (فمن رفع فله خمسة أوجه : أحدها : أن تجعل (لظى) خبر (إنّ) وترفع (نزاعة) بإضمار هي ؛ فمن هذا الوجه يحسن الوقف على (لظى). والوجه الثاني : أن تكون (لظى) و (نزاعة) خبران ل (إنّ). كما تقول : إنّه خلق مخاصم. والوجه الثالث : أن تكون (نزاعة) بدلا من (لظى) و (لظى) خبر (إنّ). والوجه الرابع : أن تكون (لظى) بدلا من اسم (إنّ) و (نزاعة) خبر (إنّ). والوجه الخامس : أن يكون الضمير في (إنّها) للقصة ، و (لظى) مبتدأ و (نزاعة) خبر الابتداء ، والجملة خبر (إنّ). والمعنى أن القصة والخبر (لظى نزاعة للشوى).).
(٣) في أصل المخطوط : (منه) وعلى ما يبدو أن المناسب (به) فأثبتناه.