فضّة ، وكان له بنون عشرة ، وكان يقول لهم : من أسلم منكم فلا يدخلنّ داري ، ولا أنفعه بشيء أبدا. قرأ ابن عامر ويعقوب (أن كان ذا مال) بالمدّ ، وقرأ حمزة وعاصم (أأن) كان بهمزتين. وقرأ غيرهم على الخبر حين قرأ بالاستفهام ، فمعناه : ألأن كان ذا مال وبنين تطيعه ، ويجوز أن يكون راجعا الى ما بعده ، والمعنى : لأجل أن كان ذا مال وبنين.
وقوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا ؛) وهي القرآن أبى أن يقبلها و؛ (قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٥) ؛ أي ما كتبه الأوّلون من أحاديثهم قد درسه محمّد وأصحابه. قوله تعالى : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (١٦) ؛ أي سنسمه بالسّواد على الأنف ، وذلك أنه يسودّ وجهه قبل دخول النار ، والمعنى : سنعلمه بعلامة يعرفه بها جميع أهل القيامة ، ويقال : سنسمه بسيماء لا تفارقه آخر الدهر ؛ أي نلحق به عارا يبقى ذلك عليه أبدا ، كما تعرف الشاة بسيمتها ، والخرطوم : الأنف ، وقال الضحّاك : (سنكويه على وجهه).
قوله تعالى : (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ) (١٧) ؛ معناه : إنّا امتحنّا أهل مكة بالجوع والقحط والقتل والسّبي والهزيمة يوم بدر ، كما امتحنّا أهل البستان ، وأراد به بستانا كان باليمن يعرف بالقيروان دون صنعاء بفرسخين ، كان يطئوه أهل الطريق ، قد غرسه قوم بعد عيسى عليهالسلام وهم قوم بخلاء ، وقيل : من بني إسرائيل ، وكانوا مسلمين باليمن ، ورثوا هذا البستان من أبيهم وفيه زرع ونخيل ، وكان أبوهم يجعل مما فيه حظّا للمسلمين عند الحصاد والصّرام.
فلمّا مات أبوهم ورثوه وكانوا ثلاثة ، قالوا : إنّ المال قليل والعيال كثير ، فلا يسعنا أن نفعل ما كان يفعل أبونا ، وإنما كان أبونا يفعل ذلك لأن المال كان كثيرا والعيال قليلا ، فعزموا على حرمان المساكين ، فتحالفوا بينهم يوما ليغدوا غدوة قبل خروج الناس ليقطعوا نخلهم إذا أصبحوا بسرقة من الليل من غير أن يشعر بهم المساكين ، (وَلا يَسْتَثْنُونَ) (١٨) ؛ أي ولا يقولون إن شاء الله ، وذلك قوله تعالى : (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها) أي ليقطعنّ ثمرها (مصبحين) أي عند طلوع الفجر