وقالت عائشة رضي الله عنها : (إنّ الرّجل ليدرك بخلقه درجة قائم اللّيل وصائم النّهار) (١) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : [ما من شيء أثقل في الميزان من خلق حسن](٢). وقال صلىاللهعليهوسلم : [إنّ أحبّكم إلى الله تعالى أحاسنكم أخلاقا ، الموطّئون أكنافا ، الّذين يؤلفون ويألفون. وأبغضكم إلى الله تعالى المشّاءون بالنّميمة ، المفرّقون بين الإخوان ، الملتمسون للعثرات](٣).
قوله تعالى : (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ) (٥) ؛ أي ستعلم ويعلمون ، يعني أهل مكّة ، وهذا وعيد لأهل مكّة بالعذاب ببدر ، يعني : سترى ويرى أهل مكّة إذا نزل بهم العذاب ببدر ، (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) (٦) ؛ الباء زائدة ، والمعنى : أيّكم المجنون الذي فتر بالجنون أأنت أم هم؟ يعني أنّهم يعلمون عند العذاب أنّ الجنون كان لهم حين عبدوا الأصنام ، وتركوا دينك.
قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ؛) معناه : إنّ ربّك يا محمّد أعلم بمن سبق له الشّقاء في علمه ، (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (٧) ؛ أي أعلم بمن سبقت له السّعادة.
قوله تعالى : (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) (٨) ؛ بالكتب والرّسل ، وهم رؤوس الكفّار الذين كانوا يدعونه إلى دين آبائه. وقوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (٩) ؛ معناه : تمنّى الكفار يا محمّد أن تضايعهم فيضايعونك ، وتلاينهم فيلاينونك ، مأخوذ من الدّهن.
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٦ ص ٩٤ و ١٣٣. وأبو داود في السنن : كتاب الأدب : باب في حسن الخلق : الحديث (٤٧٩٨) وإسناده حسن.
(٢) الحديث عن أبي الدرداء ؛ أخرجه أبو داود في السنن : كتاب الأدب : باب في حسن الخلق : الحديث (٤٧٩٩). والترمذي في الجامع : أبواب البر والصلة : باب ما جاء في حسن الخلق : الحديث (٢٠٠٢) ، وقال : حسن صحيح ، و (٢٠٠٣) وقال : غريب.
(٣) الحديث عن أبي ثعلبة الخشني ؛ أخرجه ابن حبان في صحيحه : كتاب البر والإحسان : باب حسن الخلق : الحديث (٤٨٢) بإسناد حسن. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١٠ ص ١٩٠ : الحديث (١٠٤٢٤) عن ابن مسعود رضي الله عنه. وفي مجمع الزوائد : ج ٨ ص ٢١ ؛ قال الهيثمي : (رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح).