وقال مجاهد : (معناه : إظهار القول باللّسان بخلاف ما في القلب ، كأنّه شبّه التّليين في القول بتليين الدّهن). وقال مجاهد : (معناه : ودّوا لو تركن إليهم وتترك ما أنت عليه من الحقّ فيمالؤك) (١). وقال الضحّاك : (ودّوا لو تكفر فيكفرون) (٢). وقال زيد بن أسلم : (ودّوا لو تنافق وترائي فينافقون). قال ابن قتيبة : (كانوا أرادوه أن يعبد آلهتهم مدّة ويعبدون الله مدّة).
قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) (١٠) ؛ هذا تحذير للنبيّ صلىاللهعليهوسلم عن الرّكون. والحلّاف : كثير الحلف بالباطل ، والمهين : قيل : من المهانة ؛ وهي الحقارة والضعف في الرّأي والتمييز ، قيل : إنّ المراد به الوليد بن المغيرة المخزومي ، وكان قد عرض على النبيّ صلىاللهعليهوسلم ليرجع عن دينه ، وسمّي مهينا لاستخارته الحلف والكذب على الصّدق ، ثم كانت الآية عامّة في كلّ من كان في طريقته. وقيل : المراد به الأسود بن عبد يغوث ، وقيل : الأخنس بن شريق.
وقوله تعالى : (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) (١١) ؛ الهمّاز : المغتاب الطعّان للناس ، مشّاء بنميم : أي يمشي بالنّميمة بين الناس ؛ ليفسد بينهم. وقيل : الهمّاز : الوقّاع في الناس ، العائب لهم بما ليس فيهم ، ويسمّى النّمّام : القتّات ، قال صلىاللهعليهوسلم : [لا يدخل الجنّة قتّات](٣).
قوله تعالى : (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ؛) أي كثير المنع للخير ، وكان الوليد بن المغيرة بهذه الصّفة يمنع الناس من اتّباع النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وكان يمنع أهله وولده والحميّة عن الإسلام ، يقال : المنّاع للخير البخيل الذي هو كثير المنع للحقوق الواجبة في المال.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٧٩٨).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٧٩٤) عن الضحاك ، و (٢٦٧٩٣) عن ابن عباس ، و (٢٦٧٩٥) عن سفيان.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٣ ص ١٦٨ : الحديث (٣٠٢١). والإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٣٨٢ و ٣٨٩ و ٤٠٢. والبخاري في الصحيح : كتاب الأدب : باب ما يكره من النميمة : الحديث (٦٠٥٦). ومسلم في الصحيح : كتاب الإيمان : باب بيان غلظ تحريم النميمة : الحديث (١٠٥ / ١٦٩).