بفتح القاف والتاء ، والوجه قراءة العامّة لأنّها تشمل من قاتل قتل أو لم يقتل ، وقراءة أبي عمرو تخصّ المقتولين ، ولأنّه تعالى قال (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) قال ابن عباس : (سيهديهم إلى أرشد الأمور ، ويعصمهم أيّام حياتهم في الدّنيا) ، وهذا لا يحسن في وصف المقتولين.
ومعنى الآية : والذين قتلوا في سبيل الله يوم بدر فلن يبطل الله ثواب أعمالهم كما أبطل ثواب أعمال الكفّار ؛ و (سَيَهْدِيهِمْ ؛) إلى ثوابه وجنّته ، (وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) (٥) ؛ في النّعيم.
قوله تعالى : (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) (٦) ؛ أي بيّنها لهم حتى عرفوها من غير استدلال ، وذلك أنّهم إذا دخلوا الجنة تعرّفوا إلى منازلهم. وقيل : معناه : طيّبها لهم من العرف وهي الرائحة الطيّبة ، وطعام معرّف ؛ أي مطيّب.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ ؛) أي إن تنصروا دين الله ونبيّه صلىاللهعليهوسلم ينصركم بالتوفيق والكفاية والإظهار على الأعداء ، (وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) (٧) ؛ عند القتال بتقوية قلوبكم ، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ ؛) أي فمكروها لهم وسوءا ، والتّعس في اللغة : الانحطاط والعثور ، يقال : تعس يتعس إذا انكبّ وعثر ، قال ابن عبّاس : (يريد : في الدّنيا العثرة ، وفي الآخرة التّردّي في النّار).
وانتصب قوله (فتعسا لهم) على الدّعاء ؛ أي أتعسهم الله تعسا ، قال الفرّاء : (هو نصب على المصدر) ، وأصل التّعس في الدواب والناس ، وهو أن يقال للعاثر : تعسا ؛ إذا لم يريدوا قيامه ، وضدّه لعّا إذا أرادوا قيامه (١).
قوله تعالى : (وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) (٨) ؛ أي أبطلها وأحبطها لأنّها كانت في طاعة الشيطان. قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ ؛) أي ذلك التّعس والإضلال بأنّهم كرهوا ما أنزل الله على نبيّه صلىاللهعليهوسلم وبيّن من الفرائض من الصّلاة والزكاة ، (فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) (٩) ؛ لأنّها لم تكن في إيمان.
__________________
(١) ل ع ا : يقال للعاثر : (لعّا) لك ، وهو دعاء له بأن ينتعش. ونقله أيضا البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٦٩.