المشركين). وقال مجاهد : (حتّى لا يكون دين إلّا الإسلام) (١).
وقيل : حتى تضع حربكم وقتالكم أوزار المشركين وقبائح أعمالهم بأن يسلموا فلا يبقى دين غير الإسلام ، ولا يعبد وثن. وقال الفرّاء : (معناه : حتّى لا يبقى إلّا مسلم أو مسالم) (٢).
وقيل : معناه : حتى تضع أهل الحرب آلتها وعدّتها ، وآلتهم أسلحتهم فيمسكوا عن الحرب ، وحرب القوم المحاربون كالرّكب والشّرب ، ويقال أيضا للكراع : أوزار ، قال الشاعر وهو الأعشى :
وأعددت للحرب أوزارها |
|
رماحا طوالا وخيلا ذكورا |
ومعنى الآية : أثخنوا المشركين بالقتل والأسر حتى يظهر الإسلام على الأديان كلّها ، ويدخل فيه أهل مكّة طوعا وكرها ، ويكون الدّين كلّه لله ، فلا يحتاج إلى قتال ولا إلى جهاد ، وذلك عند نزول عيسى عليهالسلام من السّماء فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ، يلقى الذئب الشاة فلا يتعرّض ، ولا تكون عداوة بين اثنين.
قوله تعالى : (ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ ؛) أي ذلك الذي أمرتم به من الجهاد (٣) ، ولو يشاء الله لانتقم منهم ؛ أي من الكفّار من غير أن يأمركم بقتالهم ، المعنى : ولو يشاء الله لا نتصر من الكفّار بإهلاكهم ، ويعذّبهم بما شاء ، (وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ؛) ولكن يأمركم بالحرب ليبلو بعضكم بعضا ، قال ابن عبّاس : (يريد من قتل من المؤمنين صار إلى الثّواب ، ومن قتل من المشركين صار إلى العذاب) ، يعني : ولكن ليتعبّدكم بالقتال تعويضا للثواب.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) (٤) ؛ قرأ العامّة (والّذين قاتلوا في سبيل الله) وقرأ أبو عمرو (قتلوا) بضمّ القاف وكسر التاء مخفّفا ، وقرأ الحسن بضمّ القاف وكسر التاء مشدّدا ، وقرأ عاصم والجحدريّ : (قتلوا)
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٤٢٦٢).
(٢) قاله الفراء في معاني القرآن : ج ٣ ص ٥٧.
(٣) في المخطوط : (الجهات) والصحيح : (الجهاد) ؛ لأن سياق النص يقتضيه.