قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ ؛) معناه : الذي قدّر الإماتة والإحياء ، (لِيَبْلُوَكُمْ ؛) فيما بين الإحياء والإماتة ، (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ؛) اللّام في ليبلوكم متعلّق بخلق الحياة دون خلق الموت ، لأنّ الابتلاء في الحياة ، ومعنى (ليبلوكم) أي ليعاملكم معاملة المختبر (١) ، فيجازيكم على ما ظهر منكم لا على ما يعلم منكم ، ومعنى (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) أي أحسن عقلا وأورع عن محارم الله ، قال صلىاللهعليهوسلم : [أتمّكم عقلا أشدّكم خوفا لله ، وأحسنكم نظرا فيما أمر الله به ونهى عنه](٢).
وقال الحسن : (معناه : ليبلوكم أيّكم أزهد في الدّنيا وأترك لها) وارتفع (أيّكم) على الابتداء لأنه بتأويل ألف الاستفهام ولا يعمل فيها ما قبلها ، تقديره : ليبلوكم أنتم أحسن عملا أم غيركم. قوله تعالى : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (٢) ؛ أي العزيز بالنقمة لمن لا يؤمن ، الغفور لمن تاب وآمن.
قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ؛) أي مطبقة بعضها على بعض مثل القبّة ، (ما تَرى ؛) أيّها الرّائي ، (فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) ، في مخلوقات الرّحمن من تفاوت ؛ أي لا ترى بعضها حكمة وبعضها عبثا ، ولا ترى في السّماء اضطرابا وتباينا في الخلقة ، وقال مقاتل : (ما ترى يا ابن آدم في خلق السّموات من عيب) (٣).
وقال قتادة : (ما ترى فيها خللا ولا اختلافا) (٤) ، (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) (٣) ؛ أي كرّر النظر ، هل ترى في السّماء من شقوق أو صدوع أو خروق ، (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ؛) أي إن لم تستدرك بالمرّة الأولى ، فردّ البصر مرّة أخرى مستقصيا ، وردّد البصر مرّة أخرى بعد مرّة ، (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ
__________________
(١) في المخطوط : (المتحيز).
(٢) في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين : ج ١ ص ٢٤١ ؛ قال العراقي : (من رواية محمد بن وهب بإسناده عن أبي هريرة رفعه قال : (قال في الميزان : هو حديث باطل منكر آفته محمد بن وهب ، وقال الدارقطني : هو حديث غير محفوظ».
(٣) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٣٨١.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٧٢٣).