خاسِئاً ؛) صاغرا بمنزلة الخاسئ وهو الذليل ، (وَهُوَ حَسِيرٌ) (٤) ؛ أي كليل منقطع قد أعيى بمنزلة الحسير الذي طلب شيئا فلم يجده كما يحسر البعير.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ ؛) السّماء الدّنيا هي الأدنى إلينا ، وهي التي يراها الناس ، والمصابيح : النجوم ، واحدها مصباح ، سمّيت بذلك ؛ لأنّها تضيء كما يضيء المصباح ، ومن ذلك الصّبح والصّباح وهو السّراج ، والنجوم لثلاث خصال : زينة ، وعلامات يهتدى بها (١) ، (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) أي ورجوم لمن يسترق السمع من الشياطين ، (وَأَعْتَدْنا لَهُمْ ؛) في الآخرة ، (عَذابَ السَّعِيرِ) (٥) ؛ مع ما جعلنا لهم في الدّنيا من الرّمي بالشّهب.
قوله تعالى : (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٦) ؛ ظاهر المعنى.
قوله تعالى : (إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً ؛) أي صوتا قطيعا كصوت الحمار ، وهو آخر ما ينهق بنفس شديد ، وهو أقبح الأصوات ، وإذا اشتدّ لهب النار سمع لها صوت شديد كأنّها تطلب الوقود. قوله تعالى : (وَهِيَ تَفُورُ) (٧) ؛ أي تغلي بهم كغلي المرجل. وقال مجاهد : (تفور بهم ، كما يفور الماء الكثير بالحب القليل) ، والفور ارتفاع الشيء بالغليان.
قوله تعالى : (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ؛) أي تكاد تنشقّ وتتقطّع من تغيّظها على أهلها لتأخذهم ، والمعنى : تكاد النار ينفرق بعضها من بعض غضبا على الكفار ، وانتقاما لله عزوجل منهم ، (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ ؛) من الكفار ؛ أي جماعة ، (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها ؛) أي النار ، (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) (٨) ؛ أي رسول منذر ، وهذا التوبيخ زيادة لهم في العذاب ، (قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا) ، له ، (ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ ؛) ممّا تقول ، وقلنا للرّسول : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ
__________________
(١) في جامع البيان : الأثر (٢٦٧٣١) عن قتادة قال : (إن الله جلّ ثناؤه إنما خلق هذه النجوم لثلاث خصال) وذكره ثم قال : (فمن يتأول منها غير ذلك ، فقد قال برأيه ، وأخطأ خطه ، وأضاع نصيبه ، وتكلّف ما لا علم له به).