نزل به ضيف) (١). وقال الكلبيّ : (أسرّتا النّفاق ، وأظهرتا الإيمان) ولأنّ الخيانة في الفراش لا يجوز أن تكون مرادة في هذه الآية ؛ لأنّها عيب يرجع إلى الزوج فينفر الناس عنه.
قوله تعالى : (فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً ؛) أي لم يدفعا عنهما عذاب الله ، أعلم الله تعالى أنّ أحدا لا يجزي عن أحد شيئا ، وأنّ الإنسان لا ينجو إلّا بعمله ، وقطع الله بهذه الآية طمع من ركب المعصية ، ورجا أن ينفعه صلاح غيره ، وأخبر الله تعالى أن معصية غيره لا تضرّه إذا كان مطيعا وهو قوله تعالى : (وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (١٠).
قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ ؛) وهي آسية بنت مزاحم ، كانت قد آمنت بموسى عليهالسلام ، فلمّا علم فرعون بإسلامها وتّد لها أربعة أوتاد في يديها ورجليها ، ومدّها للعذاب وشدّها على الأرض بالأوتاد ، وألقى على صدرها صخرة عظيمة وألقاها في الشمس.
فكانت الملائكة تظلّها بأجنحتها وأبصرت الجنّة وهي كذلك فقالت : (رب ابن لي عندك بيتا في الجنّة) ، فاستجاب الله دعاءها وألحقها بالشّهداء ، ولم تجد ألما من عذاب فرعون لأنّها قالت : (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١١) ؛ أي الكافرين أهل دين فرعون. وليس في هذه الآية أنّ فرعون قتلها ، وقد اختلف في ذلك ، والأقرب أنه أجاب الله دعاءها فنجّاها من فرعون وقومه.
وفي قوله تعالى في الآية الأولى (وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) تخويف لحفصة وعائشة ، كأنه قال لعائشة وحفصة لا تكونا بمنزلة امرأة نوح ولوط في المعصية ، وكونا بمنزلة امرأة فرعون ومريم.
__________________
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : الحديث (٣٨٨٦) ، وقال : صحيح الإسناد. والطبري في جامع البيان : الحديث (٢٦٧٠٩ ـ ٢٦٧١١).