قوله تعالى : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها ؛) عطف مريم على امرأة فرعون ، وإحصان الفرج إعفافه وحفظه عن الحرام. قوله تعالى : (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا ؛) أي في جيب درعها ، وذلك أنّ جبريل عليهالسلام مدّ جيب درعها بإصبعه ، ثم نفخ في جيبها فحملت ، وبالكناية عن غير مذكور.
وقوله تعالى : (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها ؛) والشرائع التي شرعها الله في كتبه المنزّلة ، وقرأ عيسى الجحدري والحسن (بكلمة ربها) على التوحيد يعنون عيسى عليهالسلام. قوله تعالى : (وَكُتُبِهِ ؛) أي وصدّقت بكتب الله تعالى وهو التوراة والإنجيل والفرقان وصحف ابراهيم وموسى وداود ، وقرأ أبو عمرو ويعقوب (وكتبه) بالجمع ، وتفسيره ما ذكرناه ، وقرأ الباقون (وكتابه) على الواحد ، والمراد به الإنجيل.
قوله تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (١٢) ؛ أي من المطيعين لله ، وقال عطاء : (من المصلّين ، كانت تصلّي بين المغرب والعشاء) تقديره : وكانت من القوم القانتين ، ولم يقل من القانتات ؛ لأنّ متعبّدها كان في المسجد مع العبّاد.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [كمل من الرّجال كثير ، ولم يكمل من النّساء إلّا مريم ابنة عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وإنّ فضل عائشة على سائر النّساء كفضل الثّريد على سائر الطّعام](١). وقال صلىاللهعليهوسلم : [سيّدات نساء أهل الجنّة أربع : مريم وآسية وخديجة وفاطمة](٢).
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الأطعمة : باب الثريد : الحديث (٥٤١٨). ومسلم في الصحيح : كتاب فضائل الصحابة : باب فضائل خديجة : الحديث (٧٠ / ٢٤٣١).
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١١ ص ٣٢٨ : الحديث (١٢١٧٩). وفي مجمع الزوائد : ج ٩ ص ٢٢٣ ؛ قال الهيثمي : (فيه محمد بن الحسن بن زبالة ، وهو متروك ، وليس في إسناده ذاك) وأخرجه أيضا في الرقم (١١٩٢٨). وفي مجمع الزوائد : ج ٩ ص ٢٢٣ قال الهيثمي : (رجاله رجال الصحيح ، ولفظه : [أفضل نساء أهل الجنّة]). والحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : الحديث (٣٨٨٩) ، وقال : صحيح الإسناد.