جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (٣) ؛ من أحكامه مقدارا وأجلا معلوما فلا عذر للعبد في تقصير يقع منه.
قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ؛) وذلك أنّه لمّا أنزل الله تعالى عدّة المطلّقات والمتوفّى عنها زوجها في سورة البقرة ، قال أبيّ بن كعب : يا رسول الله إنّ ناسا يقولون : قد بقي من النّساء ما لم يذكر فيه شيء؟ قال : [ومن هم؟] قال : الصّغار والكبار وذوات الحمل ، فنزلت هذه الآية (١) : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ) لكبره نّ (إن ارتبتم) أي إن شككتم في عدّتهن ، (فعدّتهن) إذا طلّقن بعد الدّخول (ثلاثة أشهر).
وقوله تعالى : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) معناه : واللّائي في حال الصّغر هنّ بمنزلة الكبيرة التي قد يئست ، عدّتهن ثلاثة أشهر. قوله تعالى : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ؛) معناه : وذوات الأحمال عدّتهن تنقضي بوضع ما في بطونهن من الحمل ، مطلقة كانت الحامل أو متوفّى عنها زوجها.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) (٤) ؛ أي من يخش الله ويمتثل أوامره ويجتنب نواهيه ييسّر عليه أمره ويوفّقه للعبادة ، ويسهّل عليه أمر الدنيا والآخرة. قوله تعالى : (ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ ؛) أي ذلك الحكم الذي قد سبق حكم الله في الطّلاق والعدّة والرجعة أنزله إليكم ، (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) بطاعته وترك معصيته ، (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) (٥) ، أي يستر ذنوبه عنه ويدفع عنه عقابها ويعطيه على ذلك ثوابا حسنا في الجنّة.
قوله تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) أي أسكنوا المطلّقات حيث سكنتم من البيوت التي تجدون أن تسكنوهنّ فيها على قدر سعتكم وطاقتكم ، فإن كان موسرا أوسع عليها في المسكن والنفقة ، وإن كان فقيرا فعلى قدر ذلك. قوله تعالى : (وَلا تُضارُّوهُنَّ ؛) أي لا تضارّوهنّ في المسكن ولا في أمر النفقة ،
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٥٨٢).