(لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ؛) يعني أعطوهنّ في المسكن ما يكفيهنّ لجلوسهن وطهارتهن ، ومن النفقة ما يكون كفافا لهن بالمعروف ، وهذا عامّ في المبتوتة والرجعيّة.
قوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ؛) يعني تجب نفقة الحامل إلى أن تضع ، سواء طالت مدّة الحمل أم قصرت ، لأن عدّتها تنقضي بوضعه ، فلها النفقة إلى أن تضع حملها. ولا نفقة للمتوفّى عنها زوجها لأنّ قوله تعالى (أسكنوهنّ) وقوله تعالى (فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ) خطاب للأزواج وقد زال عنهم الخطاب بالموت.
قوله تعالى : (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ؛) يعني بعد وضع الحمل إذا أرضعن لكم أولادكم فأعطوهنّ أجرة الرّضاع ، وهذا دليل بأن الأمّ أولى بإرضاع الولد بأجرة المثل ، وأولى بالحضانة من كلّ أحد ، وفيه دليل أنّ الأجرة لا تستحقّ بالعقد ، وإنما تستحقّ بالفراغ من العمل ؛ لأنّ الله تعالى أوجبها بعد الرضاع.
وقوله تعالى : (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ؛) أمر الرجل والمرأة أن يأتمروا في الولد بالمعروف ، وهو أن ينفق الرجل بنفقة الرّضاع من غير تقتير ولا إسراف ، أو تقوم المرأة على ولدها في إرضاعه وتتعهّده من غير تقصير. قوله تعالى : (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) (٦) ؛ معناه : وإن تضايقتم وتمانعتم فأبت الأم أن ترضع الولد ، أو طلبت على ذلك أكثر من أجرة المثل ، وأبى الأب أن يعطيها ما طلبت ، فليطلب الأب للولد مرضعة غير الأم ، إلّا أنه يجب أن يكون في بيت الأم لأنّ الأمّ أحقّ بإمساك الولد.
قوله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ؛) أي لينفق غنيّ على نسائه وأولاده على قدر غناه ، (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ ؛) معناه : ومن ضيّق عليه رزقه فلينفق مما أعطاه الله من المال ، (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها ؛) من الرّزق.
قوله تعالى : (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (٧) ؛ فيه تسلية للصحابة ، فإن أكثرهم كانوا فقراء ، فوعدهم الله اليسر بعد العسر ، ففتح الله عليهم بعد ذلك وجعل يسرا بعد عسر. ويستدلّ من هذه الآية على أنّ الواصي يأمر المرأة أن تستدين