وإن شئت فصلّ إلى العصر ، وإن شئت فاقعد). وكذلك قوله تعالى : (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٠) ؛ إباحة لطلب الرّزق والتجارة والبيع بعد المنع.
وعن ابن عبّاس قال : (لم تؤمروا في هذه الآية بطلب شيء من الدّنيا ، ولكن عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله تعالى) (١). وقال الحسن : («وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) يعني طلب العلم) (٢). والقول الأوّل أظهر.
واختلف العلماء في موضع وجوب الجمعة ، وعلى من تجب ، وكم يشترط له الجماعة؟ فقال أبو حنيفة : (لا تجب الجمعة إلّا في مصر جامع لقوله عليهالسلام : [لا جمعة ولا تشريق إلّا في مصر جامع](٣) ولا تصحّ في القرى ، ولا تجب على السّواد ولو قربت من المصر ، إلّا إذا كانت متّصلة به) (٤).
وقال الشافعيّ : (تجب الجمعة على أهل السّواد إذا سمعوا النّداء من المصر ، ووقت اعتبار سماع الأذان أن يكون المؤذّن صيّتا ، والأصوات هادئة والرّيح ساكنة).
وقال ابن عمرو وأبو هريرة وأنس : (تجب على كلّ من كان على عشرة أميال من المصر) (٥). وقال سعيد بن المسيّب : (تجب على من كان دون المبيت). وقال الزهريّ : (على ستّة أميال) ، وقال ربيعة : (أربعة أميال) ، وقال مالك : (ثلاثة أميال).
وعند الشافعيّ : (تجب الجمعة في كلّ قرية اجتمع فيها أربعون رجلا أحرارا بالغين ، لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلّا ظعن حاجة ، فإذا كان كذلك وجب عليهم
__________________
(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٣١٤.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٣١٤.
(٣) أخرجه ابن عدي في الكامل : ج ١ ص ٤٦٩ عن علي رضي الله عنه. والبيهقي في السنن الكبرى : كتاب الجمعة : الأثر (٥٧١٣) موقوفا على علي رضي الله عنه. وفي المحلى : ج ٥ ص ٥٢ ؛ قال ابن حزم : (وقد صح عن علي رضي الله عنه) وذكره.
(٤) نقله ابن حزم في المحلى : ج ٥ ص ٥٣.
(٥) حديث عبد الله بن عمرو ؛ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى : كتاب الجمعة : الأثر (٥٦٩٣) ، وقال : (على ميلين من الطائف). وعن أبي هريرة في الأثر (٥٦٩٤): (على رأس ستة أميال) من المدينة.