وقال صلىاللهعليهوسلم : [لعلّ أحدكم يتّخذ الضّيعة على رأس ميل أو ميلين وثلاثة ، تأتي عليه الجمعة فلا يشهدها ، ثمّ تأتي الجمعة فلا يشهدها ، ثمّ تأتي عليه الجمعة فلا يشهدها ، فيطبع على قلبه](١).
وقال صلىاللهعليهوسلم في الجمعة : [من تركها استخفافا بها أو جحودا لها ، فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره ، ألا فلا صلاة له ، ألا فلا زكاة له ، ألا فلا صيام له ، ألا فلا حجّ له ، إلّا أن يتوب عليه ، فإن تاب ، تاب الله عليه](٢).
قوله تعالى : (وَذَرُوا الْبَيْعَ) قال الحسن : (إذا أذن المؤذّن يوم الجمعة لم يحلّ الشّراء ولا البيع ، فمن باع تلك السّاعة فقد خالف الأمر ، وبيعه منعقد) لأنه نهي تنزيه لقوله تعالى : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ؛) وهذا على الترغيب في ترك البيع ، (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٩) ؛ ما هو خير لكم وأصلح.
قرأ العامّة (من يوم الجمعة) بضمّتين ، وقرأ الأعمش بجزم الميم وهما لغتان ، قال الفرّاء : (وفيها لغة ثالثة : جمعة بفتح الميم كما يقال : رجل ضحكة وهمزة ولمزة ، وهي لغة بني عقيل) (٣).
وإنّما سمّي هذا اليوم جمعة لما روي عن سلمان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [سمّيت الجمعة جمعة لأنّ آدم جمع فيها خلقه](٤). وقيل : إنّ الله تعالى فرغ فيه من خلق المخلوقات. وقيل : تجتمع الجماعات فيها. وقيل : لاجتماع الناس فيها للصّلاة. وقيل : أوّل من سمّاها جمعة كعب بن لؤيّ ، وكان يقال ليوم الجمعة : العروبة. وقيل : أوّل من سمّاها جمعة الأنصار.
قوله تعالى : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ ؛) أي إذا فرغتم من الصّلاة فانتشروا في الأرض ، هذا أمر إباحة ، قال ابن عبّاس : (إن شئت فاخرج ،
__________________
(١) في صحيح مسلم : كتاب الجمعة : باب التغليظ في ترك الجمعة : الحديث (٤٠ / ٨٦٥) بمعناه. وعند ابن ماجة في السنن : كتاب إقامة الصلاة : الحديث (١١٢٦) بإسناد صحيح بمعناه أيضا.
(٢) أخرجه ابن ماجة في السنن : كتاب إقامة الصلاة : باب في فرض الجمعة : الحديث (١٠٨١).
(٣) قاله الفراء في معاني القرآن : ج ٣ ص ١٥٦.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٤٣٩ ، بإسناد صحيح.