إقامة الجمعة. وإن كان أقلّ من ذلك ، وكان بقربها موضع تقام فيه الجمعة ، فعليهم الحضور فيه للجمعة إذا كانوا بحيث يسمعون النّداء). وقال مالك : (إذا كانت القرية فيها سوق ومسجد وجب عليهم إقامة الجمعة).
وأما أهل الوجوب ، فتجب الجمعة على كلّ مسلم إلّا على أربعة : عبد ؛ أو مريض ؛ أو مسافر ؛ أو امرأة ، فمن استغنى عنها بلهو أو تجارة استغنى الله عنه ، والله غنيّ حميد.
وأما العدد الذين تنعقد بهم الجمعة ، فقال الحسن : (تنعقد باثنين) ، وقال أبو يوسف والليث بن سعد : (بثلاثة) ، وقال أبو حنيفة ومحمّد وسفيان : (بأربعة) ، وقال ربيعة : (باثني عشر) ، وقال الشافعيّ : (لا تنعقد إلّا بأربعين).
قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً ؛) قال الحسن : (أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر ، فقدم دحيّة بن خليفة الكلبيّ من الشّام بتجارة ، وكان يقدم المدينة بكلّ ما يحتاج إليه من دقيق وبرّ وغيره ، فينزل في سوق المدينة ويضرب الطّبل ليعلم النّاس بقدومه ، فيخرجون إليه ليبتاعوا منه.
فقدم ذات يوم جمعة ـ وكان قبل إسلامه ـ ورسول الله صلىاللهعليهوسلم قائم يخطب على المنبر ، فضرب الطّبل فخرج النّاس من المسجد ، ولم يبق إلّا ثمانية رهط ثبتوا مع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ـ وقيل : بقي اثنى عشر رجلا وامرأة ـ فقال صلىاللهعليهوسلم : [لو لحق آخرهم أوّلهم لالتهب الوادي عليهم نارا] فأنزل الله هذه الآية) (١).
وقوله تعالى (انْفَضُّوا إِلَيْها) أي تفرّقوا بالخروج إليها (وَتَرَكُوكَ قائِماً) على المنبر تخطب. وفي هذا دليل على وجوب استماع الخطبة ؛ لأنّ الله تعالى عاتبهم على ترك الاستماع ، ولو لم يكن فرضا لم يعاتبوا على ذلك.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٤٤٨ ـ ٢٦٤٥٤) بأسانيد عن السدي عن أبي مالك وجابر بن عبد الله ، ومعمر عن الحسن وابن زيد وعن مجاهد وقتادة.