قوله تعالى : (فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا) أي قال بعضهم لبعض : أنصتوا ، فأنصتوا واستمعوا القرآن حتى كان يقع بعضهم على بعض من شدّة رغبتهم في سماع القرآن ؛ قوله تعالى : (فَلَمَّا قُضِيَ) أي فلمّا فرغ من تلاوة القرآن ، وقرأ لا حق ابن حميد (١) (قضى) بفتح القاف والضاد يعني النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ ثم جعل النبيّ صلىاللهعليهوسلم أولئك النفر من الجنّ رسلا إلى قومهم.
وأسماء أولئك النّفر : شاضر وماصر ومنشي وماشي والأحقب (٢) وعمرو بن جابر وزوبعة.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : (أن كان في نفر من أصحاب رسول الله يمشون ، ورفع لهم إعصار ، ثمّ جاء إعصار أعظم منه ، ثمّ انقشع فإذا حيّة قتيل ، فعمد منّا رجل إلى ردائه فشقّه وكفّن الحيّة ببعضه ودفنها! فلمّا جنّ اللّيل إذا امرأتان تسألان : أيّكم دفن عمرو بن جابر؟! فقلنا : ما ندري من عمرو بن جابر! فقالتا : إن كنتم ابتغيتم الأجر فقد وجدتموه ، إنّ فسقة الجنّ اقتتلوا مع مؤمنيهم ، فقتل عمرو بن جابر وهو الحيّة الّتي رأيتم وهو النّفر من الجنّ الّذين استمعوا القرآن) (٣).
وذكر : أنّ حية دخلت على رجل من التابعين وهي تلهث عطشى فسقاها ، ثم إنها ماتت فدفنها ، فأتي من الليل فسلّم عليه وأخبر أن تلك الحية كانت رجلا من جنّ نصيبين اسمه زوبعة.
__________________
ـ الحديث (٣٧٥٤) ، وقال : (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه). وأخرجه ابن حبان في الإحسان : كتاب التاريخ : باب بدء الخلق : الحديث (٦١٥٦) كلهم عن ثعلبة الخشني. وفي إسناده قال الشيخ شعيب : (إسناده قوي). وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات : ص ٣٨٨ بإسناده واللفظ يطابق ما نقله المصنف رحمهالله. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد : ج ٨ ص ١٣٦ ؛ وقال : (رواه الطبراني ورجاله وثقوا ، وفي بعضهم خلاف).
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ٢١٦ ؛ قال القرطبي : (وقرأ لا حق بن حميد وخبيب بن عبد الله بن الزبير) وذكره.
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ٢١٦ ؛ قال القرطبي : (ذكر هؤلاء الخمسة ابن دريد ، ومنهم عمرو بن جابر ذكره ابن سلام ...).
(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ٢١٤ ؛ قال القرطبي : (ذكره ابن أبي الدنيا عن رجل من التابعين سمّاه).