شعب الحجون ، وحطّ لي ثمّ أمرني أن أجلس فيه ، وقال : [لا تخرج منه حتّى أدعو إليك].
ثمّ انطلق حتّى قام فافتتح القرآن ، فجعلت أرى أمثال النّور تهوي ، وسمعت لفظا شديدا حتّى خفت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وغشيته سودة كبيرة حالت بيني وبينه حتّى ما سمعت صوته ، ثمّ طفقوا يتقطّعون أمثال قطع السّحاب ذاهبين.
ففزع رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع الفجر ، وقال : [أنمت؟] قلت : لا والله ؛ ولقد هممت مرارا أن أستغيث بالنّاس حتّى سمعتك تفزعهم بعصاك تقول : [اجلسوا] فقال : [لو خرجت لم آمن عليك أن يختطفك بعضهم] ثمّ قال : [هل رأيت؟] فقلت : نعم ؛ رأيت رجالا سودا.
قال : [أولئك جنّ نصيبين ، سألوني المتاع فمنعتهم بكلّ عظم حليل وروثة وبعرة] فقالوا : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقذّرها للنّاس علينا ، فنهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يستنجى بالعظم والرّوث ، فقلت : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وما يعني ذلك منهم؟ قال : [إنّهم لا يجدون عظما إلّا يجدون عليه لحمة يوم أكل ، ولا روثة إلّا وجدوا فيها حبّها يوم أكلت].
فقلت : يا رسول الله سمعت لفظا كثيرا شديدا ، قال : [إنّ الجنّ تدارت في قتيل قتل بينهم ، فتحاكموا إليّ فقضيت بينهم]. ثمّ قال لي رسول الله : [هل معك ماء؟] فقلت : يا رسول الله معي نبيذ تمر في إداوة ، فاستدعاه فصببت على يديه فتوضّأ به وقال : [ثمرة طيّبة وماء طهور](١).
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : [الجنّ على ثلاثة أصناف : صنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء ، وصنف حيّات وكلاب يحلّون ويظعنون](٢).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٤٢٢٩ و ٢٤٢٣٠ و ٢٤٢٣١). وذكره مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٢٢٩ ـ ٢٣٠.
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٢٢ ص ١٧٧ : الحديث (٥٧٣) ، وليس فيه (كلاب) ولفظه : [وصنف يحلّون ويظعنون]. وأخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب التفسير :