المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس من أهل بدر ومنهم ثابت بن قيس بن شمّاس وقد سبقوا في المجلس ، فقاموا حيال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالوا : السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته ، فردّ عليهم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم. ثمّ سلّموا على القوم بعد ذلك ، فردّوا عليهم.
فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسّع لهم ، فعلم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ما لحقهم من ضرر القيام ، فشقّ عليه ، وقال لمن حوله لمن لم يكن من أهل بدر : [قم يا فلان وأنت يا فلان] فأقام من المجلس بقدر النّفر الّذين قاموا بين يديه من أهل بدر.
فشقّ ذلك على من أقيم من مجلسه ، وعرف النّبيّ صلىاللهعليهوسلم الكراهية في وجوههم ، فقال المنافقون للمسلمين : ألستم تزعمون أنّ صاحبكم يعدل بين النّاس؟ فو الله ما عدل على هؤلاء إنّ قوما أخذوا مجالسهم ، وأحبّوا القرب من نبيّهم فأقامهم وأجلس غيرهم ، فأنزل الله هذه الآية) (١).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ) أي أوسعوا في المجلس (فافسحوا) أي أوسعوا على من حضر مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأحبّ سماع كلامه ؛ لتشتركوا في سماع الدّين منه ، وهذا أمر لهم بالتأديب كي لا يؤذي أحد جليسه بفعل الزّحام ، ولئلّا يكون غرضهم إلّا التواضع لله تعالى وللدّين ، وذلك أنّهم كانوا قد جلسوا متضايقين حول النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأمروا أن يتنحّوا عنه في الجلوس ويتوسّعوا المجلس غيرهم معهم. قوله تعالى : (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) أي يوسّع مجالسكم في الجنّة.
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ؛) معناه : وإذا قيل : انهضوا إلى صلاة أو أمر بمعروف ونودي للصّلاة فانهضوا. وقيل : معناه : وإذا قيل لكم اخرجوا إلى الجهاد فاخرجوا يرفع الله درجاتكم في الجنّة ، ويرفع الله الذين أوتوا العلم درجات فوق درجات الذين أكرموا بالإيمان بغير علم.
وفي الحديث أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : [إنّ العالم يستغفر له كلّ شيء حتّى الحيتان في الماء والطّير في جوّ السّماء ، وفضل العالم على الّذي ليس بعالم سبعون درجة ،
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٣٣٣.