وذلك أنّ اليهود دخلوا على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالوا : السّام عليك! وكانت عائشة من وراء ستر فلعنتهم ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [مهلا يا عائشة] فقالت : أما سمعت ما قالوا؟ قال : [أوما سمعت كيف أجبتهم؟] ثمّ قال : [إذا سلّم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا : عليك ما قلت]. والسّام هو الموت (١).
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ ؛) معناه : أنّهم كانوا يقولون في أنفسهم : ألا ينزّل الله العذاب بنا بما نقول لنبيّه إن كان نبيّا كما يزعم ، فلو كان محمّد نبيّا لعذبنا الله بما نقول ، فقال الله تعالى : (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها ؛) أي كافيهم جهنم عذابا لهم يلزمونها ويقاسون حرّها ، (فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٨) ؛ أي فبئس المرجع يرجعون إليه.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ ؛) معناه : يا أيّها الذين آمنوا إذا تجالستم للسرّ فيما بينكم ، فلا تجالسوا وتخالفوا بالمعصية والظّلم ومخالفة الرسول ، ولا تكونوا كاليهود والمنافقين ، (وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى ؛) أي بفعل ما أمرتم به ، وترك ما نهيتم عنه ، (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٩) ، واتّقوا عذاب الله الذي إليه ترجعون في الآخرة.
قوله تعالى : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ؛) معناه : إنما النّجوى الذي يفعله اليهود والمنافقون من عمل الشّيطان ووساوسه ليحزن به الشيطان الذين آمنوا وأخلصوا ، وليس تناجيهم يضرّ المؤمنين شيئا إلّا بعلم الله وقضائه ، (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٠) ؛ ويستعيذوا به من الشّيطان. ويقرأ (ليحزن) بضمّ الياء وهما لغتان.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ ؛) قال مقاتل : (كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكرم أهل بدر من
__________________
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف : ج ١٠ ص ٣٩٢ : كتاب الجامع : باب السّلام على أهل الشرك : الحديث (١٩٤٦٠). والإمام أحمد في المسند : ج ٦ ص ٣٧ و ٥٨. والبخاري في الصحيح : كتاب استتابة المرتدين : الحديث (٦٩٢٧).