الله أعلم ما بين كلّ درجتين](١). وقال صلىاللهعليهوسلم : [فضل العالم على العابد كفضلي على سائر أمّتي](٢) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : [يؤتى بالعالم يوم القيامة والعابد ، فيقال للعابد : أدخل الجنّة ، ويحبس الفقيه فيقول : فبم حبستموني؟! فيقال له : اشفع].
قرأ أهل المدينة والشام وعاصم (انشزوا فانشزوا) بضمّ الشين ، وقرأ الآخرون بكسرها ، وهما لغتان ، ومعناهما : إذا قيل لكم : تحرّكوا وقوموا وارتفعوا وتوسّعوا لإخوانكم فافعلوا. وقيل : معناه : إذا قيل لكم انهضوا إلى الصّلاة والذّكر وعمل الخير ، فانشزوا ولا تقصّروا.
وقوله تعالى : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ؛) يعني يرفعهم بطاعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقيامهم من مجالسهم وتوسعهم لإخوانهم ، (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (١١) ؛ منهم بفضل عملهم ، قال صلىاللهعليهوسلم : [من جاءت منيّته وهو يطلب العلم ، فبينه وبين الأنبياء درجة واحدة](٣).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ؛) وذلك أنّ الأغنياء كانوا يستخلون بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم فيشاورونه بما يريدون ويلحّون عليه بالحاجات والمسائل ، ويشغلون بذلك أوقاته التي كانت مستغرقة بالعبادة والإبلاغ إلى الأمة ، وكان الفقراء لا يتمكّنون من النبيّ صلىاللهعليهوسلم كتمكّن الأغنياء منه.
__________________
(١) معنى الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ١٩٦. وأبو داود في السنن : كتاب العلم : الحديث (٣٦٤١) ، وإسناده ضعيف ، وله شواهد يتقوى بها. وفي موارد الضمآن : الحديث (٨٠) ؛ قال ابن حبان : (حسن).
(٢) أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح : أبواب العلم : باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة : الحديث (٢٦٨٥) عن أبي أمامة الباهلي ، وقال : حسن صحيح. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٨ ص ٢٣٣ : الحديث (٧٩١١) ، وإسناده صحيح. وفي مجمع الزوائد : ج ١ ص ١٢٤ ـ ١٢٥ ؛ قال الهيثمي : (رواه الطبراني في الكبير وفيه القاسم أبو عبد الرحمن وثقه البخاري وضعفه أحمد).
(٣) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله : ص ١١٥ : الحديث (٥٣٧) وفيه علي بن زيد الجدعاني.