قوله تعالى : (فَيُضاعِفَهُ لَهُ) فيه قراءتان : من قرأ بالرفع فعلى العطف على (يقرض) أو على الاستئناف على معنى فهو يضاعفه ، ومن قرأ بنصب الفاء فعلى جواب الاستفهام بالفاء (١) ، وقوله تعالى (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) الأجر الكريم الذي يقع به النفع العظيم وهو الجنّة.
قوله تعالى : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) معناه : اذكر يوم تراهم ، ويجوز أن يكون انتصاب اليوم على معنى ولهم أجر كريم يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم على الصّراط يوم القيامة ، وهو دليلهم إلى الجنّة.
وأراد بالنور القرآن ، وقيل : نور الإيمان والطاعة ، تظهر لهم فيمشون فيه ، قال ابن مسعود : (يؤتون نورهم على قدر أعمالهم ، فمنهم من يؤتى نوره مثل الجبل ، ومنهم من يؤتى نوره كالنّخلة ، ومنهم من يؤتى نوره كالرّجل القائم ، وأدناهم نورا نوره على إبهامه يطفيء مرّة ويوقد أخرى) (٢). وقال قتادة : (المؤمن يضيء له نوره كما بين عدن وصنعاء ودون ذلك ، حتّى أنّ من المؤمنين من لا يضيء له نوره إلّا موضع قدميه) (٣).
قوله تعالى : (وَبِأَيْمانِهِمْ) قال الضحّاك ومقاتل : (وبأيمانهم كتبهم الّتي أعطوها ، فكتبهم بأيمانهم ، ونورهم بين أيديهم) (٤). وتقول لهم الملائكة : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ؛) يعني أنهار اللّبن والخمر والعسل والماء ، (خالِدِينَ فِيها ؛) لا يموتون ولا يخرجون منها ، (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٢).
قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً ؛) أي احذروا يوم يقول المنافقون للمؤمنين
__________________
(١) قاله أيضا الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ٥ ص ٩٨.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٠٢٥). وذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٢٤٤. وصححه الحاكم في المستدرك : كتاب التفسير : سورة الحديد : الحديث (٣٨٣٧).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٠٢٤).
(٤) بمعناه قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٣٢٢. ومن قول الضحاك بمعناه أيضا ، أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٦٠٢٦).