المخلصين : انظرونا نضيء بنوركم فنمضي معكم على الصّراط ، وذلك أنّ المنافقين تغشاهم ظلمة حتى لا يكادون ينظرون مواضع أقدامهم ، فينادون المؤمنين نقتبس من نوركم.
قرأ حمزة (أنظرونا) بقطع الألف وكسر الظاء ؛ أي أمهلونا ، وقال الزجّاج : (معناه : انتظرونا أيضا) ، وقال عمرو بن كلثوم (١) :
أبا هند فلا تعجل علينا |
|
وأنظرنا نخبرك اليقينا |
قال المفسّرون : إذا كان يوم القيامة ، أعطى الله المؤمنين نورا على قدر أعمالهم يمشون به على الصّراط ، وأعطى الله المنافقين نورا كذلك خديعة لهم فيما بينهم كذلك يمشون ، إذا بعث الله ريحا وظلمة فانطفأ نور المنافقين ، فعند ذلك يقول المؤمنون : ربّنا أتمم لنا نورنا ، مخافة أن يسلب كما سلب المنافقون.
ويقول المنافقون حينئذ للمؤمنين : انظرونا نقتبس من نوركم ، فيقولون لهم : لا سبيل لكم إلى الاقتباس من نورنا ، فارجعوا وراءكم فاطلبوا هنالك لأنفسكم نورا ، فيرجعون في طلب النّور فلا يجدون ، فيقول لهم الملائكة : ارجعوا إلى الموضع الذي أخذنا منه النّور (٢) فاطلبوا نورا ، فإنّ المؤمنين حملوا النور من الدّنيا بإيمانهم وطاعتهم.
قوله تعالى : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ ؛) معناه : فيميّز بين المؤمنين والمنافقين بأن يضرب بينهم بجدار كبير يقال له السّور ، وهو الذي يكون عليه أصحاب الأعراف ، وهو حاجز بين الجنّة والنار. قوله تعالى : (لَهُ بابٌ ؛) أي للسّور باب ، (باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ؛) وهي الجنّة التي فيها المؤمنون ، (وَظاهِرُهُ ؛) أي وخارج السّور ، (مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) (١٣) ؛ يعني جهنّم والنار.
__________________
(١) قاله الزجاج ونقل الشعر في معاني القرآن وإعرابه : ج ٥ ص ٩٨.
(٢) لم يكن رسمها واضح في المخطوط ، وجرى ضبط العبارة من الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٢٤٦.