وقد شهد له النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بأنّه أنفق ماله قبل الفتح) (١).
قال العلاء بن عمرو : (بينا النّبيّ صلىاللهعليهوسلم جالس وعنده أبو بكر رضي الله عنه وعليه عباءة ، قد خلّها على صدره بخلال (٢) إذ نزل جبريل عليهالسلام فقال : يا محمّد : ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة؟ فقال : يا جبريل إنّه أنفق ماله قبل الفتح عليّ ، قال : فأقرئه منّي السّلام وقل له : يقول لك ربّك : أراض أنت عنّي في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : [يا أبا بكر ؛ هذا جبريل يقرؤك السّلام من الله تعالى ، ويقول لك ربّك : أراض أنت عنّي في فقرك هذا أم ساخط؟] فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال : أعلى ربي أغضب؟! أنا عن ربي راض) (٣).
وفي هذه الآية دلالة واضحة وحجّة بيّنة على فضل أبي بكر وتقديمه على سائر الصّحابة ، كما روي عن عليّ رضي الله عنه أنه قال : (لا أؤتي برجل فضّلني على أبي بكر وعمر إلّا جلدته حدّ المفتري) (٤).
قوله تعالى : (أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا ؛) معناه : أولئك أعظم ثوابا وأفضل درجة عند الله من الذين أنفقوا من بعد فتح مكّة وقاتلوا بعده ، وإنما فضّل الله المنافقين والمقاتلين من قبل الفتح ؛ لأن الإنفاق والقتال في ذلك الوقت كان أشدّ على النفس ، وكانت الحاجة اليها أمسّ لقلّة المسلمين.
__________________
(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٢٧٦. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٢٤٠.
(٢) الخلال : العود الذي يتخلّل به ، وما يخلّ به الثوب ، فيربط به طرفي فرجته. مختار الصحاح : ص ١٨٧.
(٣) أخرجه البغوي في معالم التنزيل : ص ١٢٧٦ ـ ١٢٧٧ بسنده (عن العلاء بن عمرو الشيباني ثنا أبو إسحق الفزاري ثنا سفيان بن سعيد عن آدم بن علي عن ابن عمر قال : كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم) وذكره. وفي تفسير القرآن العظيم : ج ٤ ص ٣٠٨ ؛ قال ابن كثير : (هذا الحديث ضعيف الإسناد من هذا الوجه والله أعلم).
(٤) أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٩ ص ٢٣٦. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٢٤٠ ؛ وقال : (فنال المتقدمون من المشقة أكثر مما نال من بعدهم ، وكانت بصائرهم أيضا أنفذ).