وحدانيّة الله تعالى وتمام علمه وكمال ملكه ، وأيّ عذر يمنعكم من الإيمان بالله تعالى ، (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ ؛) في ظهر آدم بأنّ الله ربّكم لا إله إلّا هو ولا معبود سواه. وقيل : معنى (أَخَذَ مِيثاقَكُمْ) ركّب فيكم العقول وأقام الحجج والدلائل التي تدعو إلى متابعة الرّسول صلىاللهعليهوسلم.
قرأ العامّة (أخذ) بفتح الهمزة وفتح القاف (١) ، وقرأ أبو عمرو بضمّها على ما لم يسمّ فاعله. قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٨) ؛ يعني إن كنتم مصدّقين كما تزعمون.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ؛) معناه : هو الذي ينزّل على عبده محمّد صلىاللهعليهوسلم آيات بيّنات ، يعني القرآن ، ليخرجكم من ظلمات الشّرك إلى نور الإيمان ، ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم. قوله تعالى : (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٩) ؛ يعني حين بعث الرسول ونصب الأدلّة.
قوله تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) معناه : أيّ شيء لكم في ترك الإنفاق في نصرة الإسلام ومواساة الفقراء وأنتم ميّتون تاركون أموالكم ، والله سبحانه يرزقكم ، ويرث ما في السّموات والأرض ، يميت من فيهما ويرث من عليها.
قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ ؛) معناه : لا يستوي منكم في الفضل من أنفق ماله وقاتل العدوّ من قبل فتح مكّة مع من أنفق من بعد وقاتل. قال الكلبيّ : (نزلت هذه الآية في أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه) (٢) قيل : هذا أنّه كان أوّل من أنفق المال على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سبيل الله ، وأوّل من قاتل في الإسلام. قال ابن مسعود : (أوّل من أظهر إسلامه بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه ،
__________________
(١) فتح القاف من (مِيثاقَكُمْ).
(٢) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٩ ص ٢٣٢. والبغوي في معالم التنزيل : ص ١٢٧٦.