ظاهِرِينَ)(١) أي غالبين. ويقال : ظهر الأمير على بلد كذا ؛ إذا غلب عليها ، وهو الباطن الذي لا يدرك بالحواسّ ولا يقاس بالناس. وقيل : معناه : هو الظاهر بأدلّته العالم بما بطن من أمور خلقه. وقيل : الباطن المحتجب عن الأبصار ، (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ ؛) من الظاهر والباطن ، (عَلِيمٌ) (٣).
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ؛) قد تقدّم تفسير ذلك.
قوله تعالى : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ ؛) أي ما يدخل فيها فيستر ، كما يعلم ، (وَما يَخْرُجُ مِنْها ؛) فيظهر ، ويعلم ، (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) ، من ملك ورزق ومطر ، (وَما يَعْرُجُ فِيها ؛) وما يصعد إليها من الملائكة وأعمال العباد ، (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ؛) أي وهو أعلم بأقوالكم وأفعالكم وعزائمكم في أيّ موضع كنتم ، فليس يخلو أحد من علم الله وقدرته أينما كان في الأرض أو في السّماء أو في برّ أو في بحر ، (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٤). وما بعد هذا : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٦). ظاهر المعنى.
قوله تعالى : (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ؛) أي صدّقوا بالله بأنّه خالقكم وإلهكم ، وصدّقوا برسوله أنّه صادق فيما يؤدّيه إليكم ، (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ؛) في الجهاد وعلى الضّعفاء ، وغير ذلك من سبل الخير من الأموال التي جعلكم الله مستخلفين فيها بأن أورثكموها ممن كان قبلكم.
ويقال : إن الأموال التي في الدّنيا لا تخلو إمّا أن تكون قد صارت إلينا فنحن خلفاؤهم فيها ، أو تصير منّا إلى غيرنا فهم خلفاءنا فنحفظها. قوله تعالى : (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧) ؛ أي لهم ثواب عظيم في الآخرة.
قوله تعالى : (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ ؛) هذا استفهام إنكار ؛ معناه : أيّ شيء لكم من الثّواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا بالله بعد قيام الحجّة عليكم على
__________________
(١) الصف / ١٥.