جزاء لمن كفر بالله وكذب رسوله (١).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً ؛) يعني تركنا هذه الفعلة ، ويقال : السفينة التي يصنعها الناس على مثال سفينة نوح عليهالسلام علامة للناس ليعتبروا ويستدلّوا بها على توحيد الله ، (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١٥) ، فهل من متّعظ معتبر متدبر متفكّر يعلم أنّ ذلك حقّ فيعتبر.
قوله تعالى : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) (١٦) ؛ معناه : فانظر يا محمّد كيف كان عقوبتي فيمن أنذرهم الرسل فلم يؤمنوا ، وهذا استفهام ومعناه : التعظيم لذلك العذاب ، وهذا تخويف لمشركي مكّة.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ؛) أي سهّلناه للحفظ والقراءة والكتابة ، وقال سعيد بن جبير : (ليس كتاب من كتب الله يقرأ كلّه ظاهرا إلّا القرآن) (٢) ، وقوله تعالى : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١٧) ؛ أي فهل ذاكر يذكره وقارئ يقرؤه ، ومعناه : الحثّ على قراءة القرآن ودرسه وتعلّمه ، ولو لا تسهيل الله علينا ذلك لم يستطع أحد أن يلفظ به.
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً ؛) أي باردة شديدة البرد وشديدة الهبوب ، (فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) (١٩) ؛ أي يوم مشؤوم عليهم ، دائم الشّؤم ، روي : أنه كان يوم الأربعاء الذي في آخر الشّهر لا يدور. ويقال : معنى قوله (مستمرّ) استمرّ بهم العذاب إلى نار جهنّم.
قوله تعالى : (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (٢٠) ؛ أي تقلع الناس من الأرض من تحت أقدامهم ، ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدقّ رقابهم وتقطع أعناقهم ، فتبقي أجسادهم كأنّها أعجاز نخل مقطّع.
__________________
(١) ينظر : إعراب القرآن للنحاس : ج ٤ ص ١٩٥.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٢٤٥.