قال مقاتل : (أراد بالدّاعي إسرافيل ينفخ قائما على صخرة بيت المقدس) (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) (٦) ؛ أي إلى أمر فظيع لم يروا مثله فينكرونه استعظاما (١) ، وذلك قوله تعالى : (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ). وقوله تعالى (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) منصوب على معنى واذكر.
قوله تعالى : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ ؛) نصب على الحال من يخرجون ، وذلك دليل على تقدّم الحال على الفعل المتصرّف ، وكذلك يقال : راكبا جاء زيد كما يقال جاء زيد راكبا ، وتقديره : ويخرجون من الأجداث خشّعا أبصارهم.
قرأ أبو عمرو ويعقوب وحمزة والكسائي وخلف : (خاشعا) بالألف ، وقرأ الباقون : (خشّعا) على الجمع (٢). قال الفرّاء : (يجوز في أسماء الفاعلين إذا تقدّمت على الجماعة التّوحيد والجمع والتّأنيث ، يقال : مررت بشباب حسن أوجههم ، وحسان أوجههم ، وحسنة أوجههم) (٣). وفي قراءة عبد الله : (خاشعة أبصارهم) أي ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب.
قوله تعالى : (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) (٧) ؛ أي يخرجون عند النّفخة من القبور فزعين لا يهتدون إلى شيء ، يحول بعضهم إلى بعض مثل الجراد المنتشر. والمعنى : أنّهم يخرجون فزعين لا جهة لأحد منهم فيقصدها ، والجراد لا جهة له تكون أبدا مختلفة بعضها فوق بعض.
قوله تعالى : (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ؛) أي منقلبين إلى صوت إسرافيل ناظرين متحيّرين مسرعين إليه ، (يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) (٨) ؛ أي صعب شديد ، قال ابن عبّاس : (عسر على الكافرين وسهل يسير على المؤمنين). والإهطاع : الإسراع.
__________________
(١) في المخطوط تحريف من الناسخ : (استعظ ماله) وضبطت كما في معالم التنزيل للبغوي : ص ١٢٥٣.
(٢) ينظر : الحجة للقراء السبعة : ج ٤ ص ١١. وإعراب القرآن للنحاس : ج ٤ ص ١٩٣.
(٣) قاله الفراء في معاني القرآن : ج ٣ ص ١٠٥.