وقال ابن عبّاس رضي الله عنه : (اجتمع المشركون إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : إن كنت صادقا فشقّ لنا القمر ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إن فعلت تؤمنون؟] قالوا : نعم ، فسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ربّه أن يعطيه ما قالوا ، فانشقّ القمر فرقتين ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [يا فلان ؛ ويا فلان ؛ ويا فلان : إشهدوا]) (١).
وعن ابن مسعود قال : (أشار إلى القمر فانفلق فلقتين ، فكانت إحداهما فوق الجبل ، والأخرى أسفل من الجبل حتّى رأى الجبل بين فلقتي القمر ، وقال : [اشهدوا] فقال أبو جهل : إنّ محمّدا سحر القمر! ثمّ قال أبو جهل لأصحابه : ابعثوا بالرّسل إلى البلاد فإن عاينوا من ذلك ما عاينّا فهو آية ، وإلّا فهو سحر. فبعثوا الرّسل إلى جميع البلاد ، فإذا النّاس يتحدّثون بانشقاق القمر ، فلمّا رجعوا إليهم وأخبروهم به قالوا : إنّ هذا ساحر داهي! (٢)
قوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) (٤) ؛ يعني أهل مكّة جاءهم من أخبار الأمم المكذّبة في القرآن ما فيه منتهى لهم عمّا هم فيه من الكفر والفسوق.
قوله تعالى : (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ ؛) بدل من (ما) والمعنى : جاءهم حكمة في نهاية الحكم والصّواب. وقيل : المراد بالحكمة البالغة القرآن. قوله تعالى : (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) (٥) ؛ ما تغني الرّسل صلوات الله عليهم عن قوم لا يتدبّرون ولا يتفكّرون في الآية والنّذر.
قوله تعالى : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ ؛) أي أعرض عنهم فليس عليك إجبارهم على الدّين ، وإنّما عليك إقامة الحجّة وقد بالغت فيها ، وهذه الآية منسوخة بآية القتال. وهذا وقف تامّ ، وقوله تعالى (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) ابتداء الكلام كلام.
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٦٧١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه أبو نعيم في الحلية عن طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس) وذكره.
(٢) رواه البخاري في الصحيح : كتاب التفسير : باب وَانْشَقَّ الْقَمَرُ : الحديث (٤٨٦٥).