من أسماء الله تعالى ، فقالوا : من الله اللّات ، ومن العزيز العزّى ، ومن المنّان مناة بالهاء.
وقال الزجّاج : (الوقف عليها بالتّاء لاتّباع المصحف) (١) ، وكان ابن كثير يقول : (ومنأة) بالمدّ والهمزة (٢) ، والصحيح : قراءة العامّة بالقصر ، و (الثّالثة) نعت لمناة ، يعني الثالثة للصّنمين في الذّكر ، والأخرى نعت لها أيضا.
قوله تعالى : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) (٢١) ؛ هذا إنكار عليهم في أنّهم كانوا يزعمون أنّ هذه الأصنام بنات الله ، فقيل لهم : كيف جعلتم هذه الأشياء المؤنّثة أولاد الله وأنتم لا ترضون لأنفسكم الإناث وتكرهونها؟ وقوله تعالى : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) (٢٢) ؛ أي قسمة جائرة غير عادلة ، يقال : ضازه يضيزه إذا نقصه حقّه.
قوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ؛) معناه : وما هذه اللّات والعزّى ومناة إلّا أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم الذين مضوا قبلكم ، (ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ؛) وبرهان ؛ أي لم ينزل كتابا لكم حجّة بما تقولون أنّها آلهة ، والمعنى : ما أنزل الله بعبادتها من سلطان ، (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ ؛) في قولهم : إنّها آلهة ، وقولهم : هذه بنات الله.
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى) (٢٣) ؛ معناه : ولقد جاء هم من ربهم الكتاب والرسول والبيان أنّها ليست بآلهة ، وأنّ العبادة لا تصلح لها ، وإنما تصلح لله عزوجل. والمعنى : أنّهم يعقلون ذلك بعد أن جاءهم الهدى ، وذلك أبلغ في الذمّ.
__________________
(١) في معاني القرآن وإعرابه : ج ٥ ص ٥٩ ؛ قال الزجاج : (والأجود في هذا اتباع المصحف والوقف عليها بالتاء).
(٢) قال ابن عادل في اللباب : ج ١٢ ص ١٨٠ : (فأما قراءة ابن كثير ، فاشتقاقها من النّوء ، وهو المطر ، لأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء ، ووزنها حينئذ (مفعلة) فألفها عن واو وهمزتها أصلية وميمها زائدة).