قوله تعالى : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) (١٨) ؛ لقد رأى تلك الليلة من عجائب ربه عجيبة عظماء ، وهي جبريل على صورته ، وقال ابن مسعود : (رأى رفرفا من الجنّة أخضر قد سدّ الأفق) (١). وقيل : هي الآيات العظمى التي رآها تلك الليلة.
قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) (٢٠) قرأ مجاهد وأبو صالح (اللّاتّ) بتشديد التاء ، وقالوا : كان رجلا يلتّ السّويق للحاجّ ، فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه. وروى السديّ عن أبي صالح : (أنّه كان رجلا بالطّائف يقوم على آلهتهم ويلتّ لهم السّويق بالزّيت ، فلمّا مات عبدوه) (٢). وقال الكلبيّ : (هو رجل من ثقيف يقال له صرمة بن عمر ، كان يسلي السّمن فيضعه على صخرة ، فتأتي العرب فتلتّ به أسوقتهم).
وأما العزّى فقال مجاهد : (شجرة لغطفان يعبدونها) وهي الّتي بعث إليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالد بن الوليد فقطعها ، وجعل خالد يضربها بالفأس ويقول : يا عزّى كفرانك لا سبحانك ، إنّي رأيت الله قد أهانك. فخرجت من تحتها شيطانة عريانة ناشرة شعرها ، داعية بويلها ، واضعة يدها على رأسها ، فقتلها خالد ثمّ رجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأخبره بذلك ، فقال : [تلك العزّى ، ولن تعبد أبدا](٣).
وأما مناة فهو صنم لخزاعة ، وقال الضحّاك : (معناه : صنم لهذيل) ، وقال : (إنّ مناة صنم كانت لهذيل وخزاعة يعبدونها من دون الله). وقال بعضهم : اللّات والعزّى ومناة أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة.
والمعنى : أخبرونا عن الآلهة التي تعبدونها من دون الله ، هل لها قدرة توصف بها كما يوصف الله بالقدرة والعظمة ، وهي أسماء أصنام يعبدونها ، وانتقوا لها اسما
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٥١٧٦).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : عن ابن عباس ومجاهد وأبي صالح في الآثار (٢٥١٨٠ و ٢٥٨١ و ٢٥١٨٢).
(٣) في مجمع الزوائد : ج ٨ ص ١٧٦ ؛ قال الهيثمي : (رواه الطبراني وفيه يحيى بن المنذر وهو ضعيف).