وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : [لمّا أسري بالنّبيّ صلىاللهعليهوسلم فانتهى به إلى السّدرة ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أربعة أنهار : نهر من ماء غير آسن ، ونهر من لبن لم يتغيّر طعمه ، ونهر من خمر لذة للشّاربين ، ونهر من عسل مصفّى. وهي شجرة يسير الرّاكب في ظلّها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة الواحدة منها تغطّي الأمّة كلّها](١).
وعن أسماء بنت أبي بكر ؛ قالت : سمعت رسول الله يذكر سدرة المنتهى قال : [يسير الرّاكب في ظلّها مائة عام](٢). وقال مقاتل : (هي شجرة لو أنّ ورقة منها وضعت في الأرض أضاءت لأهل الأرض كلّهم ، تحمل الحليّ والحلل والثّمار وجميع الألوان ، وهي طوبى الّتي ذكرها الله في سورة الرّعد) (٣).
قوله تعالى : (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (١٥) ؛ معناه : عند سدرة المنتهى جنة المأوى ، وهي جنة يأوي إليها جبريل والملائكة ، وقال مقاتل والكلبي : (جنّة تأوي إليها أرواح الشّهداء والصّالحين) (٤).
قوله تعالى : (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) (١٦) ؛ أي يغشى السّدرة من النور والبهاء والحسن والصّفاء ما ليس لوصفه منتهى. وسئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ما يغشى السّدرة فقال : [يغشاها جراد من ذهب] وروي [فراش من ذهب](٥). وعن ابن عبّاس : (أنّه يغشاها ملائكة أمثال الغربان حتّى يقعن على الشّجرة). قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [رأيت على كلّ ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح الله عزوجل](٦). وقيل : يغشى من جهة الله عزوجل فاستنارت.
قوله تعالى : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) (١٧) ؛ أي ما مال بصر النبيّ صلىاللهعليهوسلم يمينا ولا شمالا ولا طغى ولا تجاوز ما رأى ، وهذا وصف أدبه في ذلك المقام إذ لم يلتفت جانبا ، ولم يمل بصره ولم يمدّه أمامه إلى حيث ينتهي.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٥١٥٦).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٥١٥٨).
(٣) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٢٩٠.
(٤) أخرجهما الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٥١٦٩) ؛ قال : (عن ابن زيد قال ...) وذكره.
(٥) أخرجهما الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٥١٦٩) ؛ قال : (عن ابن زيد قال ...) وذكره.
(٦) بمعناه ذكره الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٥١٧٣) عن أبي هريرة ، وفي إسناده شك.