قوله تعالى : (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ ؛) معناه : إنّ لهؤلاء الكفّار عذابا دون عذاب الآخرة ، يعني القبر. وقيل : معناه : إنّ لكفّار مكّة عذابا في الدّنيا قبل عذاب الآخرة ، يعني القتل ببدر ، وقال مجاهد : (الجوع والقحط) (١) ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤٧) ؛ ما هو نازل بهم.
قوله تعالى : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ؛) أي اصبر لحكم ربك إلى أن يقع بهم العذاب ، وقيل : اصبر على تبليغ الوحي والرسالة إلى أن يقضي لك ذلك ربّك فيهم ، (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا ؛) أي فإنّك بحيث نراك ونحفظك ونرعاك ، وإنّهم لا يصلون إلى مكروهك.
قوله تعالى : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) (٤٨) ؛ يعني تقوم من النّوم ، كما روي : أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم كان إذا انتبه قال : [الحمد لله الّذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النّشور](٢).
وعن الربيع بن أنس : (أنّ المراد به القيام في الصّلاة ، وهو ما يقال عند تكبيرة الافتتاح [سبحانك اللهمّ وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدّك ، ولا إله غيرك]) (٣).
وقيل : المراد بهذه الآية صلاة الفجر عند القيام من النّوم ، ويقال : المراد منه التسبيح عند القيام من كل مجلس ، كما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [كفّارة المجالس كلمات جاءني جبريل بهنّ : سبحانك اللهمّ وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلّا
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٥٠٧٧).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٣٩٧ و ٤٠٧. والبخاري في الصحيح : كتاب الدعوات : باب ما يقول إذا نام : الحديث (٦٣١٢). وابن حبان في الصحيح : كتاب الزينة والتطيب : الحديث (٥٥٣٢).
(٣) الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ؛ أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٣ ص ٥٠ و ٦٩. وأبو داود في السنن : كتاب الصلاة : باب من رأى الاستفتاح بسبحانك : الحديث (٧٧٥) ووهنه ، وعن عائشة في الرقم (٧٧٦) ووهنه أيضا. وأخرجه الترمذي في الجامع : أبواب الصلاة : الحديث (٢٤٢) عن أبي سعيد وضعفه ، ونقل عن الإمام أحمد قوله : (لا يصح هذا الحديث) ، وفي الرقم (٢٤٣) عن عائشة وضعفه أيضا.