قوله تعالى : (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) (٤١) ؛ قال قتادة : (هذا جواب لقولهم : نتربّص به ريب المنون. فقال الله تعالى : أعندهم الغيب حتّى علموا أنّ محمّدا يموت قبلهم فهم يكتبون). وقيل : معناه : أعندهم علم الغيب حتى علموا أنّ ما يخبرهم به النبيّ صلىاللهعليهوسلم من أمر القيامة والبعث والحساب والثواب والعقاب باطل غير كائن.
قوله تعالى : (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) (٤٢) ؛ أي بل يريدون بك كيدا ومكرا ليهلكوا بذلك المكر ، وهو كيدهم به في دار النّدوة ، فالذين كفروا هم المجازون على كيدهم ، ويحيق ذلك الكيد والمكر بهم ، فقتلوا يوم بدر وأسروا.
قوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ ؛) يمنعهم من مكر الله وعذابه ويحفظهم وينصرهم ، (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤٣) ؛ به من آلهة ، وسبحانه عن أن يكون له ولد.
و (أم) في هذه السّورة في خمسة عشر موضعا ، عشرة منها ليست إلّا على وجه الإنكار ، وفي الخمسة ما يحتمل الإنكار ويحتمل غيره.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (٤٤) معناه : إنّ هؤلاء لا يؤمنون حتى لو رأوا قطعا من العذاب ساقطا عليهم لطغيانهم وعتوّهم ، يقولوا سحاب مركوم ، قد ركم بعضه على بعض ، فيلبسوا على أنفسهم بغاية جهلهم ما يشاهدون.
قوله تعالى : (فَذَرْهُمْ ؛) أي اتركهم ، (حَتَّى يُلاقُوا ؛) يعاينوا ، (يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) (٤٥) ؛ أي يهلكون ، والصّعق : الهلاك بما يصدع القلب ، وقيل : المراد بالصّعق ههنا اليوم الذي فيه النفخة الأولى. قرأ الأعمش وعاصم وابن عامر (يصعقون) بضمّ الياء ؛ أي يهلكون من أصعقهم الله إذا أهلكهم ، (يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤٦) ؛ وذلك اليوم لا ينفعهم كيدهم ولا يمنعهم من العذاب مانع.