قوله تعالى : (أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ؛) فيكونوا هم الخالقون ، بل ليس الأمر على هذا ، (بَلْ لا يُوقِنُونَ) (٣٦) ؛ بالحقّ وهو توحيد الله وقدرته على البعث.
قوله تعالى : (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) (٣٧) ؛ معناه : أبأيديهم مفاتيح ربك بالرّسالة ، فيضعونها حيث شاءوا؟ وقيل : معناه : أبأيديهم مقدورات ربك. وقال الكلبيّ : (معناه : خزائن المطر والرّزق) (١).
قوله : (أَمْ هُمُ) المسيطرون) أي أم هم المسلّطون على الناس ، فلا يكونوا بحيث أمر ولا نهي يفعلون ما شاءوا. ويقرأ (المصيطرون) بالصاد ، والأصل فيه السّين ، إلّا أنّ كلّ سين بعدها (طاء) (٢) يجوز أن تقلب صادا. وفي هذه الآية تنبيه على عجزهم وتلبيس لسوء طريقتهم.
قوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ؛) أي لهم مصعد ومرقاة يرتقون بها إلى السّماء يستمعون فيه الوحي ويعلمون أنّ ما هم عليه حقّ ، (فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ ؛) إن كان لهم مستمع ، (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٣٨) ، بحجّة ظاهرة.
قوله تعالى : (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) (٣٩) ؛ هذا إنكار عليهم وتسفيه لأحلامهم ، ومبالغة لتجهيلهم حيث يصفون البنات إلى الله بقولهم : بنات الله ، ويضيفون البنين إلى أنفسهم.
وقوله تعالى : (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً ؛) معناه : أتسألهم يا محمّد على ما جئتهم من الدّين والشريعة أجرا ؛ أي جعلا ، (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) (٤٠) ؛ أي أثقلهم ذلك الغرم الذي سألتهم ، فمنعهم ذلك عن الإسلام. والمعنى : أسألتهم أجرة تثقلهم وتجدهم وتمنعهم عن الاستماع إلى ذلك.
__________________
(١) ذكره القرطبي عن ابن عباس كما في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٧٤.
(٢) في المخطوط : أسقط (الطاء) وجعلها (فلا). وضبط النص كما في معاني القرآن وإعرابه للزجاج : ج ٥ ص ٥٣.