عبوديته وإحراز القابلية في نفسه ، فيحصل بذلك له النشاط على أداء قسط من حقوقه فيكون من جملة المقرّبين ، وحقيقة هذه الأحوال راجعة إلى المحبّة والعشق.
و [الأمر] الثالث : يجهد العبد في تحصيل رضا المنعم ، وذلك حاصل بقسم من أفعاله القلبية والبدنية :
أمّا الأوّل : فبأن يصرف ما أنعم الله عليه من القوى العقلية والفكرية في تحصيل معرفة المعبود الحقيقي ، والمقرّبين إلى حضرته ، وفي بديع صنائع موجودات العالم العلوي والسفلي ، ويصرف فكره في الاطّلاع على حقائق الأشياء على ما هي عليها ، التي هي عبارة عن الحكمة ، ويفكّر فيما يصلح به أمر آخرته ودنياه ومصالح إخوانه المؤمنين ، ويضمر لهم الخير ويعزم على امتثال أوامر مولاه والازدجار عن نواهيه ، ويتشوّق ويتعطّش إلى جناب قاضي الحاجات ، وينوي الخير لأبناء نوعه وكفّ الأذى عنهم ... وعلى هذا القياس.
وأمّا الثاني : فبصرف جارحة العين في النظر إلى المخلوقات بنظر الاعتبار ، وإلى تغيُّرات الدهر بنظر العبرة ، وإلى الضعفاء المنحطّين بنظر الشفقة والرأفة ، وإلى الصلحاء والعلماء بنحو من الحرمة والعزّة ، وإلى عيوب إخوانه بضرب من الستر والصيانة ، وصرف جارحة الأُذن في استماع البراهين وآيات القرآن وكلمات الأنبياء وأخبار الأئمة عليهمالسلام ، ممَّا فيه موعظة حسنة ، وحكمة نافعة ، وتعليمات عقلية وتعريفات شرعية.
وإن كان من أهل الحُكم ، فيصغي إلى استماع نداء المظلومين واستغاثة الملهوفين ، ولا يصغي إلى ما فيه اللهو ، والإعراض عن ذكر الله عزَّ وجلَّ :