المحض ، ومحض الخير على كلّ ماهيَّة موجودة ، فيستحق بذلك الحمد.
الثالث ـ علمه بأنّ ذات المنعم الحقيقي منفرد بجلال الصمديّة وعظمة الأُلوهيّة ، ومنه يُعلم أنَّ جملة النّعم منه.
الرابع ـ اعترافه بالجهل والتقصير والعجز عن معرفة كنه ذاته الأحديّة ، وعن أداء واجب شكره ومراعاة حقوق عبوديّته.
ونكتة اُخرى : أنَّ العبد لا يشكر ربّه المنعم إلا بالقلب واللّسان وسائر الأعضاء ، وكلُّ ذلك ببركة المنعم وإنعامه عليه ، والقدرة على استعمال الجوارح المذكورة نعمة اُخرى على العبد ، وتوفيقه لهذا الاستعمال أيضاً نعمة ثالثة ، فلو أراد أن يشكر المنعم على نعمة من النعم فلا بدّ له من الشكر على هذه النّعم ، فإذا أدّاه فهو أيضاً نعمة اُخرى فينتهي إلى العجز ، والاعتراف بالعجز آخر مراتب الشكر.
قال الصادق عليهالسلام : «أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى موسى : يا موسى اشكرني حقّ شكري. فقال : ربّي ، وكيف أشكرك حقّ شكرك وليس من شكرٍ أشكرك به إلّا أنعمت به عليَّ؟ قال : يا موسى الآن شكرتني حيث علمت أنّ ذلك منّي» (١).
الأمر الثاني : بالابتهاج والسرور الحاصلين للعبد بسبب وصول تلك النعمة إليه ، لا من حيث إنها موافقة لغرض نفسه ؛ إذ في ذلك متابعة هواها واقتصار همّه في رضاها ، بل لاستشعاره بذلك شفقة المنعم بحيث لو وصل إليه من غيره لما حصل له ذلك الابتهاج والسرور ، أو لاستكشافه بسببها قدرته على القيام بحقوق
__________________
(١) الكافي ٢ : ٩٨ ح٢٧ ، مشكاة الأنوار : ٧١ ، الجواهر السنية : ٤١.