كالغناء ، واستماع الكذب ، والغيبة ، فإن فعل ذلك واستعمل الجارحة في خلاف ما خُلقت فقد كفر بنعمها.
وصرف جارحة اللسان بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن ، وإلقاء المطالب العلميّة وبثّ الأخبار الواردة من الأئمة الأطهار على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع ملاحظة شرائطهما ، وشكره تعالى وحمده على كلّ نعمة بقول : الحمد لله ربّ العالمين ، فإن استعملها في الكذب والبهتان والغناء والتكلُّم بالباطل فقد كفر بتلك النعمة ، وهكذا الحال في سائر الأعضاء والجوارح بصرف كلّ جارحة فيما أنعم الله بها عليه لأجله ، فيكون من الَّذين قال الله تعالى في حقهم : وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (١).
ثُمَّ إنَّ مراتب الشكر تتفاوت بتفاوت مراتب النّعم ، فالمطلوب من أهل الغنى والثروة من مراتب الشكر غير المطلوب من أهل الفقر والفاقة ، ولا يقبل الطائفة الأُولى ما يقبل من الطائفة الثانية ، فمن كان له الغُنم فعليه الغُرم.
قصة السلطان سنجر
ذكر أهل التأريخ : (أنَّ السلطان سنجر السلجوقي مرَّ في طريق وهو في موكب سلطنته ، وكان في الطريق درويش من أهل الفقر فسلَّم على السلطان ، فلم يردّ عليه جواب التحيَّة بلسانه ، بل حرّك رأسه بدل الجواب.
فقال الدرويش : أيُّها الملك إنَّ الابتداء بالتحيَّة مستحب وجوابها واجب ، وأنا قَدْ أدّيت المستحب فلم لا تؤدي الواجب؟
__________________
(١) سورة سبأ : من آية ١٣.