ولا أظنك ترتاب في كذب هذا الخبر وبطلانه بعد ما عرفت من حال أبي هريرة روايةً ، وخصوصاً عداوته لأمير المؤمنین عليهالسلام تجاه ما كان يتَّهمه ويقدحُ فيه ، كما نقلناه عن الجاحظ.
وإن أردت توسيع المخاض بأكثر من ذلك ، وتحقيق كذب ما هنالك ، فنقول : إنّه روى ابن شهر آشوب بإسناده عن الصادق عليهالسلام ، قال : «حرّم الله عزَّ وجلَّ على علي عليهالسلام النساء ما دامت فاطمة حيّة. قال : لأنّها طاهرة لا تحيض» (١).
فإن كانت هذه الرواية صحيحة ، والحكم الَّذي تضمنته من حرمة التزویج على عليّ عليهالسلام ثابت ، فعليٌّ أحقّ بالتجنُّب من محظور القول والفعل ، كيف لا وهو القائل : «ولست بمأبور في ديني فيواري بها رسول الله صلىاللهعليهوآله عنّي» (٢). (٣)
قال في القاموس : (وقول علي : (ولست بمأبور في ديني) أي : بمُتَّهم في ديني) (٤).
وإن لم تكن الرواية صحيحة ، والحرمة غير ثابتة عليهالسلام ، والحكم باقٍ على الإباحة الأصلية المستفادة من العموم المستفاد من الآية المبيحة للنساء الأربع ، فابنة أبي جهل المشار إليها كانت مسلمة ؛ لأنّ هذه القصة كانت بعد فتح مكّة وإسلام أهلها طوعاً وكرهاً ، فلا مانع من التزویج بها. وما كان النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٣ : ١١.
(٢) في الأصل : «ولست بمأبور في ديني فيتألّفني النبيّ صلىاللهعليهوآله بتزويجي فاطمة» ، وما أثبتناه من المصدر.
(٣) النهاية في غريب الحديث ١ : ١.
(٤) القاموس المحيط ١ : ٣٦١.