بهيجه سوی غضب الله وسخطه ، وحاشاه من أن ينكر أمراً مباحاً في شريعته ما كان عليه ممَّا وصفه الله به ، ومدحَهُ عليه من الخُلُق العظيم ، فهذه الرواية قَدْ تضمنّت ما يشهد بطلانها ، ويقضي على كذبها من حيث ادّعى فيها : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله ذمَّ هذا الفعل ، وأعلن بإنكاره على المنبر.
فإن قلت : فما الجواب عمّا رواه الصدوق الله رحمهالله في (العلل) : «من أنّ رجلاً سأل الصادق عليهالسلام : هل تشيّع الجنازة بنار ويمشي معها بمجمرة أو قنديل؟ ـ وإنّما كان وجه هذا الكلام مع تشييع جنازة فاطمة عليهاالسلام ـ قال : فتغيّر لون أبي عبد الله عليهالسلام من ذلك واستوى جالساً ، ثًمَّ قال : إنّه جاء شقيٌّ من الأشقياء إلى فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال لها : أما علمتِ أنّ علياً قَدْ خطب بنت أبي جهل؟ فقالت : حقّاً ما تقول؟ فقال : حقّاً ما أقول ـ ثلاث مرات ـ فدخلها من الغيرة مالا تملك نفسها ، وذلك أنّ الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة ، وكتب على الرجال جهاداً ، وجعل للمحتسبة الصابرة منهنّ من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله.
قال : فاشتدّ غمّ فاطمة عليهاالسلام من ذلك ، وبقيت متفكّرة هي حَتَّى أمست وجاء الليل حملت الحسن عليهالسلام على عاتقها الأيمن ، والحسين على عاتقها الأيسر ، وأخذت بيد أمِّ كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ، ثُمَّ تحوَّلت إلى حُجرة أبيها ، فجاء عليّ فدخل حُجرته فلم يرَ فاطمة عليهاالسلام فاشتد لذلك غمُّه ، وعظم عليه ، ولم يعلم القصة ما هي ، فاستحى أن يدعوها من منزل أبيها ، فخرج إلى المسجد يصلّي فيه ما شاء الله ، ثُمَّ جمع شيئاً من كثيب المسجد واتكأ عليه ، فلمَّا رأى النبيّ صلىاللهعليهوآله ما بفاطمة من الحزن أفاض عليه الماء ، ثُمَّ لبس ثوبه ، ودخل