ونقل ابن أبي الحديد في (شرح النهج) عن الشيخ أبي جعفر أنّه روی الأعمش : (لمّا قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة ، جاء إلى مسجد الكوفة ... وقال : والله لقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنّ لكلّ نبي حرماً ، وإنّ حرمي بالمدينة ما بين عِير إلى ثور ، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، وأشهد بالله أنّ علياً أحدث فيها.
فلمَّا بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولّاه إمارة المدينة.
قال : قال أبو جعفر : وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا ، غير مرضي الرواية ، ضربه عمر بالدرّة ، وقال : قَدْ أكثرت من الرواية وأحر بك (١) أن تكون كاذباً علی رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وروی سفيان الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم التيمي ، قال : كانوا لا يأخذون عن أبي هريرة إلّا ما كان من ذكر جنّة أو نار.
وروى أبو أسامة ، عن الأعمش ، قال : كان إبراهيم صحيح الحديث ، فكنت إذا سمعت الحديث أتيته فعرضت عليه ، فأتيته يوماً بأحاديث من حديث أبي صالح ، عن أبي هريرة ، فقال : دعني من أبي هريرة ، إنّهم كانوا يتركون كثيراً من حديثه.
وقَدْ روي عن علي عليهالسلام أنّه قال : ألا إنّ أكذب الناس ـ أو أكذب الأحياء ـ على رسول الله صلىاللهعليهوآله أبو هريرة الدوسي.
وروى أبو يوسف ، قال : قلت لأبي حنيفة ... وساق كلامه إلى أن قال ـ أي : أبو حنيفة ـ والصحابة كلُّهم عدول ما عدا رجالاً ، ثُمَّ عدّ منهم أبا هريرة ، وأنس بن مالك.
__________________
(١) حري بكذا : أي جدير وخليق ، ويحدث الرجل الرجل فيقول : ما أحراه ، وأحر به (لسان العرب : ١٤ / ١٧٣).