وقال الطبرسي في (المجمع) في تفسير قوله تعالى : فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (١). (ويمكن الاستدلال به على بطلان الإحباط ؛ لأنَّ الظاهر يدل على أنه لا يفعل أحد. شيئاً من طاعة أو معصية ، إلا ويجازى عليها ، وما يقع محبطاً لا يجازى عليه. وليس لهم أن يقولوا : إنّ الظاهر بخلاف ما تذهبون إليه في جواز العفو عن مرتكب الكبيرة ، وذلك لأنّ الآية مخصوصة بالإجماع ، فإنّ التائب معفوٍّ عنه بلا خلاف ، وعندهم إنّ من شرط المعصية التي يؤاخذ بها ، أن لا تكون صغيرة. فجاز لنا أيضاً أن نشترط فيها أن لا يكون ممَّا يعفو الله عنه) (٢).
الفتاوى الغريبة من بعض فقهائنا
وبالجملة فهو ـ أي جواز العفو ـ وإن صار من المسلَّمات عند الإمامية ، إلّا أنّه لم يكن من الأُصول المسلَّمة عند القدماء ، بحيث يوجب عدم القول به قدحاً ، انظر إلى ما ذكره علماء الرجال في ترجمة محمّد بن بشر السوسنجزدي من أنه : كان من عيون أصحابنا وصالحهم ، متكلِّم جيِّد الكلام ، صحيح الاعتقاد ، وكان يقول بالوعيد. كذا في (الخلاصة) (٣) ، وقريب منه في (فهرست النجاشي)(٤) ، ومع فرض كونه من الأُصول فعدم اختياره لا يوجب قدحاً.
فقد ذهب المفيد رحمهالله إلى : أن الله تعالى لا يقَدْر على غير مقدور العبد. كما هو مذهب الجبائي.
__________________
(١) سورة الزلزلة : ٧ ـ .
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٤١٧.
(٣) خلاصة الأقوال : ٢٦٦ رقم ١٥٦.
(٤) رجال النجاشي : ٣١ رقم ١٣٥.