تنبيه : لا ينبغي القدح في من اختار بعض الأقوال التي ذهبت إليها جماعة العامّة ، أو غيرهم من أهل الآراء الفاسدة ، كما سمعت من العلَّامة رحمهالله : أن الشيخ رحمهالله كان يقول أولاً بالوعيد ، ثُمَّ رجع (١).
القول بالوعيد
والقول بالوعيد هو : اختيار عدم جواز عفو الله عن الكبائر عقلاً من غير توبة. كما عليه جماعة الوعيدية ، مثل : أبي القاسم البلخي وأتباعه ، مع أنه خلاف ما اجتمع عليه الإمامية فإنها متَّفقة : على أنَّ المؤمن الَّذي عمل عملاً صالحاً يدخل الجنَّة خالداً فيها ، وأما الَّذي خلط عملاً صالحاً بغير صالح فاختلفوا فيه (٢).
فقالت التفضيلية (٣) من أهل السُنّة والإمامية أجمع : أنه لا يجب تعذيبهم ، بل قَدْ يعفو الله عنهم ، أو يشفع النبي صلىاللهعليهوآله فيهم ؛ لقوله صلىاللهعليهوآله : «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من اُمَّتي» (٤) ، وقد يعاقبه لكن عقاباً منقطعاً ؛ لأنه يستحق الثواب.
قال الصدوق رحمهالله في اعتقاداته : (اعتقادنا في الوعد والوعيد : أنَّ من وعده الله على عمل ثواباً فهو منجزه له ، ومن أوعده على عمل عقاباً فهو فيه بالخيار فإنْ عذَّبه فعدله ، وإن عفا عنه فبفضله ، وما ربُّك بظلام للعبيد. وقد قال الله تعالى : إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ (٥). والله أعلم) ، انتهى) (١).
__________________
(١) خلاصة الأقوال : ٢٤ رقم ٤٧.
(٢) التبيان ١ : ٦١ (المقدمة).
(٣) التفضيلية : هم من يعتقد بعدم خلود مرتكبي الكبائر في جهنم ، فيذهبون إلى أن الشفاعة تشمل المذنبين ، وتؤثر في إسقاط العقاب عنهم ( تفسير الأمثل ١ : ٢٧).
(٤) تفسير التبيان ١ : ٢١٣.
(٥) سورة النساء : ٤٨.