فعملهما : ومن أنت يا جُعَل ، حَتَّى تنهى عمَّا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر رضياللهعنه؟!) (١).
وربما بنى بعضهم الجواب عن الطعن على كون النبيّ صلىاللهعليهوآله مجتهداً في الأحكام الشرعيّة ، فيجوز لمجتهد آخر مخالفته ، وهذا بمكان من الغلط ، أمّا على أصول الإماميّة فظاهر ؛ لاتفاقهم على عصمة النبيّ صلىاللهعليهوآله كما قال عزَّ وجلَّ : وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (٢).
وقال تعالى مخاطباً له : قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ (٣).
وقال تعالى : قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ (٤) ، وحينئذ فلا يجوز لأحد مخالفته ولا الاجتهاد في مقابلة ما حكم به.
وأمّا على رأي الجمهور : فقد صرح الرازي في تفسيره فيما يتعلق بقوله تعالى : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ (٥) بأن : (الآية دلت على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون عن الخطأ في الفتوى وفي الأحكام ؛ لأنه تعالى أوجب الانقياد لحكمهم ، وبالغ في ذلك الإيجاب ، وبين أنه لا بد من
__________________
(١) وفيات الأعيان ٦ : ١٤ ضمن ترجمته رقم ٧٣.
(٢) سورة النجم : ٣ ـ ٤.
(٣) سورة يونس : من آية ١٥.
(٤) سورة الأحقاف : من آية ٩.
(٥) سورة النساء : من آية ٦٥.