وهذه الآية قَدْ وردت في حقّ بعض الصحابة الَّذين كانوا يظهرون الإيمان بالنبيّ ، ولما يدخل الإيمان في قلوبهم (١) ، ولا يلزم من ذلك تكفير أمير المؤمنين عليهالسلام بخصوصه ؛ إذ أيُّ إنكار أبلغ من قوله صلىاللهعليهوآله : «لولا نهي عمر عن المتعة ما زنى إلّا شفی» (٢) ، على أنه عليهالسلام لم يتمكن من إنفاذ حکم من الأحكام ، وكان سكوته لضرب من الاستصلاح ، كما قَدْ أبان عليهالسلام عن ذلك بكلامه البليغ في خطبة نهج البلاغة حيث يقول : «أما والله لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بین أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الزبور بزبورهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، حَتَّى يزهر كل كتاب من هذه الكتب ويقول : يا رب إن علياً قضى بقضائك» (٣).
وكما في قول ابن عمر للرجل الشامي : (أرأيت إن كان أبي نهی عنها ... إلخ) (٤).
وكما في تاريخ ابن جرير الطبري أيضاً ما هو صريح في أن الأُمَّة أعابت علی عمر بتحريمه المتعة ، مع أنها كانت رخصة من الله (٥).
وفي تاريخ ابن خلکان ، في ترجمة يحيى بن أكثم ، أنه : (قال المأمون بعد نقل قول عمر : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنا اُحرِّمهما وأعاقب علی
__________________
(١) ينظر : تفسير القمی ٢ : ٢٦ ، التبیان ١ : ١٠.
(٢) شرح نهج البلاغه ١٢ : ٢٥٣ ، وعبارة النهج : «لولا ما سبقني به ابن الخطّاب ، ما زنى إلّا شقي».
(٣) مناقب آل أبي طالب ١ : ٣١٧.
(٤) سنن الترمذي ٢ : ١٥ ح ٢٣.
(٥) تاريخ الطبري ٣ : ٢٩٠.