إلى أوليائه ، والنظر إلى الاستدلال. بخلاف ما إذا كانت بعض الآيات متشابهات ، معرفة المتشابه محوجة إلى النظر والاستدلال.
مثلاً : إذا تأمَّلنا قوله : يَدُ اللَّـهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ (١) ، وأردنا أن نعرف أنّ ليس المراد من اليد الجارحة ، فلا بد من الاستدلال على أنّ الله ليس بجسم بالدليل العقلي الموقوف على النظر ؛ لما في المتشابه من الابتلاء والتمييز بين الثابت على الحقّ والمتزلزل فيه ، ولما في تقادح العلماء وإتعابهم القرائح في استخراج معانيه وردّه إلى المحكم من الفوائد الجليلة ، والعلوم الجمّة ، ونیل الدرجات من عند الله ؛ ولأنّ المؤمن المعتقد أنّ لا مناقضة في كلام الله ولا اختلاف ، إذا رأى فيه ما يتناقض في ظاهره ، وأهمه طلب ما يوفق بينه ویجریه علی سنن واحد ، ففکر وراجع نفسه وغيره ، ففتح الله عليه وتبيّن مطابقة المتشابه المحکم ازداد طمأنينة إلى معتقده ، وقوة في إيقانه (٢).
فهذه أربعة وجوه في الإتيان بالمتشابهات ، فاغتنم.
آية : قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا ...
[٥٤] ـ قال رحمهالله : «الثامن : قوله تعالى : قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ» (٣).
أقول : الآية واقعة في آخر سورة الرعد (٤).
__________________
(١) سورة الفتح : من آية ١.
(٢) الكشّاف عن حقائق التنزیل ١: ٣٣٣ بتفاوت يسير.
(٣) معالم الدين : ١.
(٤) سورة الرعد : من آية ٤٣.