الأقوى عندي هنا : تقديم الأفقه على الأعدل ، وإن كان الأوّل مظنون الأفقهية والثاني مقطوع الأعدلية ، بعد أن كان الظن بالأفقهية معتبراً ولو من باب العسر والحرج ؛ لاشتراكهما حينئذ في أصل العدالة المانعة من المحارم. وتبقى زيادة الفقاهة الموجبة لزيادة غلبة الظن خالية من المعارض ، وهو اختيار بعض الأصحاب ، ومع تساويهما في الفقاهة يقدم الأعدل ؛ لثبوت الرجحان له كما هو اختيار سيّدنا الأُستاذ طاب ثراه في العروة ، بل وهو الأشهر (١). ولأنَّ اشتراكهم في أصل الأهليَّة بالنظر إلى أنفسهم لا يقتضي تساويهم بالنظر إلى الغير ، ولأنّ الظنَّ يقول ذي المزيّة أقوى ، وهو ظاهر الحديث ونظائره ، المراد من الأعلم : الأعلم بالشرعيات والأحاديث لا غيرهما كما هو ظاهر.
ويستفاد أيضاً من رواية داود بن حصين ، حيث قال الإمام عليهالسلام : «ينظر إلى أفقههما ، وأعلمهما بأحاديثنا».
الخامسة : إنَّ هذا الخبر حجّة لمن ذهب من الأُصوليين والفقهاء إلى أنّ الشهرة حجّة عند تعارض الدليلين ، واستدل به بعض العلماء على حجية الإجماع ، وفيه أن النزاع في جعل الإجماع دليلاً مستقلاً ، وهذا الخبر لا يدلُّ عليه.
السادسة : دل هذا الخبر على أنّ المراد بالشبهات المشكل ـ أعني : ما لا يظهر وجه حلّيّته ، ولا وجه حرمته ـ كما هو مقتضى قوله ، وشبهات بين ذلك ، لا المتنازع فيه مطلقاً كما زعم.
__________________
(١) العروة الوثقى ١ : ٨٠١ مسألة ١٨ في شرائط إمامة الجماعة.