وقيل لبعض الحكماء : (لا تنظر ، فغمَّض عينيه ، وقيل له : لا تسمع ، فسدَّ اُذنيه ، وقيل له : لا تتكلَّم ، فوضع يده على فمه ، وقيل له : لا تعلم ، فقال : لا أقدر عليه) (١).
وقال نافع بن الأزرق لولده : (يا بنيّ ، عليك بالأدب ، فإنّه دليل على المروءة ، واُنس في الوحشة ، وصاحب في الغربة ، وقرين في الحضر ، وصدر في المجلس ، ووسيلة عند انقضاء الوسائل ، وغنى عند العُدم ، ورفعة للخسيس ، وكمال للشريف ، وجلال للملك) (٢).
وقال الزمخشري :
وكلُّ فضيلةٍ فيها سناءُ |
|
وَجدْتُ العِلمَ من هاتيكَ أسنى |
فلا تَعْتدَّ غيرَ العلمِ ذُخراً |
|
فإنَّ العلمَ كنزٌ ليسَ يَفنى (٣) |
ومن ذلك قيل : (لا شيء أنفع من العلم ، ولا أرفع منه ، ولا لأحد غنىً عنه ، ومن طعم حلاوته ، وتنعَّم بآياته ، وسحب ضافي ثوابه ، وشرب صافي أكوابه ، لم يشتغل بسواه ، ولم يعدل في صُواه ، ورآه أنفع شيء ناله في اكتسابه ، وأرفع ثواب اكتسى به) (٤).
ألم تسمع ما قاله الشاعر المصيب الَّذي نال من العلم أوفى نصيب :
فإنَّ رَفَعَ الغنيُّ لواءَ مالٍ |
|
لأَنتَ لواءَ عِلمِكَ قَدْ رَفَعْتَا |
وإنْ جَلَسَ الغنيُّ على الحشايا |
|
لأَنتَ على الكواكِبَ قَدْ جَلَستا |
__________________
(١) تفسير الرازي ٢ : ١٩٢.
(٢) تفسير الرازي ٢ : ١٩٢ ، وفيه أنَّ القائل هو ابن عبَّاس لولده ، فلاحظ.
(٣) لم أهتد إلى مصدره.
(٤) لم أهتد إلى مصدره.